لا أستطيع إخفاء ألمي وأنا أستمع الى عضو هيئة الاتصالات الاماراتية متحدثاً عن استعدادات بلاده لإدخال خدمات الجيل الخامس، الجيل الرابع سيصبح من الماضي في الامارات ونحن ما زلنا نعاني من خدمات جيل أعرج، ليس فيه من الجيل الثالث الّا اسمه، بأسعار تفوق ما لدى دول الجوار بكثير، ونحلم بجيل رابع تمنع وجوده صراعات ومناكفات نابعة من جهل أو فساد. خدمات الاتصالات والمعلوماتية المتطورة لا تتم الّا بوجود بنية تحتية متطورة على رأسها الكيبل الضوئي، وهو ما يجب أن ينشئه القطاع الخاص ليكون بعيدا عن العوق والفساد الذين يشلّان الجهاز الحكومي. لكن وزارة الاتصالات تصرّ على احتكار الكيبل الضوئي وتزويد شركات الاتصال بسعات انترنت بأسعار تفوق ما تقدمه الدول المجاورة بعشرين ضعفاً وبجودة أقل منها بكثير، الامر الذي ينعكس غلاء الخدمة، ناهيك عن تعثرها بسبب البطؤ بإصلاح الانقطاعات في الشبكة. النتيجة هي أنّ الخدمة تصل المستهلك بأسعار مرتفعة وجودة متدنية. رئيس الوزراء يعرف أهمية ابعاد الاتصالات وبناها التحية عن الجهات الرسمية واناطتها بالقطاع الخاص مع رقابة رسمية تضمن حقوق المستهلكين، لكن الامور تسير في الحكومة عكس هذا الاتجاه. بدأت هيئة الاعلام والاتصالات، المعنية وفق الدستور والقانون الذي يحكم عملها، التحضيرات لاستقدام شركات عالمية تقدم خدمات الجيل الرابع، لكن وزارة الاتصالات جاءت بأمر قضائي بوقف هذه الاجراءات. لا أدري ما مدى علم القاضي الذي أصدر الامر، باقتصاد السوق وأهمية الاتصالات في التنمية. المهم توقفت الاجراءات منذ عامين وأحيل الامر الى لجنة من عدة جهات لم تجتمع حتى الان ولن تجتمع أبداً. نفس الشي حدث عندما أرادت الهيئة المعنية إعطاء شركات الموبايل رخصة تقديم خدمات الجيل الثالث، حينها أحيل الامر الى لجنة وزارية لم تجتمع على مدى سنوات، حتى تم الايعاز الى الهيئة بالمباشرة بالأمر الذي انتهى بوصول هذه الخدمة عرجاء منقوصة في حين كانت دول المنطقة قد بدأت استخدام خدمات الجيل الرابع التي دفت في مقبرة اللجان اليوم، ولا يمكن احياؤها الّا بأمر من رئيس الوزراء للهيئة المعنية للمبادرة الى فك العقدة.
باختصار، فان خدمات الجيل الرابع، والخامس (انترنت فائق السرعة وإمكانيات كبيرة)، وما سيأتي بعدها، مع وجود بنى تحتية خارج نطاق الحكومة (ولكن بإشرافها ورقابتها)، هي السبيل الوحيد للوصول الى تنمية اقتصادية وتطور قطاعات التعليم والصحة، وحكومة الكترونية تغلق أغلب منافذ الفساد. يحتاج الامر الى قرارات جريئة والى درجة عالية من الوعي والنزاهة