تعتبر التعددية السياسية من المبادئ الأساسية للديمقراطية، والتي تؤمن بمجتمع يسوده مبدأ احترام إرادة الأغلبية وصيانة حقوق الأقلية، واختلاف
تعتبر التعددية السياسية من المبادئ الأساسية للديمقراطية، والتي تؤمن بمجتمع يسوده مبدأ احترام إرادة الأغلبية وصيانة حقوق الأقلية، واختلاف الآراء والمصالح، يترجم هذا الاختلاف في برامج وسياسات عامة تتبناها الأحزاب السياسية، وتخوض على أساسها الانتخابات.
توجد العديد من الأنظمة الانتخابية وهي تختلف من حيث تطبيقاتها من دولة إلى أخرى، تبعاً للظروف السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وتنظم حسب طبيعة وواقع النظام السياسي لكل دولة، كما قد تختلف داخل الدولة الواحدة من وقت لآخر وذلك حسب الظروف التي تمر بها الدولة نفسها.
إن النظام الانتخابي بإعتباره وسيلة تقنية تجعل من الانتخاب مصدر شرعية السلطة، يكتسي أهمية سياسية وإدارية وإجتماعية بالغة من حيث مساهمته في تحقيق الاستقرار السياسي، وتطوير الديمقراطية في المجتمع ، وضمان النجاعة في التسيير من خلال مؤسسات تمثيلية تسهر على السير الحسن لمؤسسات الدولة.
تلعب العوامل السياسية والاجتماعية والتاريخية دورا بارزاً في التأثير على الأنظمة الانتخابية المطبقة في أي دولة، فهي كما تساهم في صنع النظام السياسي للدولة، تُعد من العوامل التي تتحكم في نتائج تطبيق النظام الانتخابي على ارض الواقع، ففاعليته تتوقف على مدى ملائمة إطاره التشريعي للواقع ، فالمشكلة ليست دائماً مشكلة نصوص بقدر ما هي مشكلة ممارسة وسياق اجتماعي وسياسي وثقافي واقتصادي وتاريخي يتم فيها تطبيق النصوص.
لصياغة وإعداد أي نظام انتخابي مهما كان شكله ونوعه، يجب البدء بالإجابة على التساؤلات الآتية:
ماذا نريد من هذا القانون، وما هي الغاية من إجراء الانتخابات ، هل هي من أجل تكريس هيمنة السلطة الحاكمة ومنحها الضمانات الشكلية، أم هي من أجل تغيير واقع سياسي معين، أم من أجل أيصال طرف سياسي معين إلى السلطة، أو من أجل عرقلة وصول طرف أو حزب سياسي ما إلى السلطة عن طريق الانتخاب، أم هي تعبير صادق عن إرادة الناخبين تعكس صورة مصغرة عن واقعهم السياسي والاجتماعي والثقافي والاقتصادي؟!...
على العموم فإن أي نظام انتخابي ديمقراطي، ينبغي أن يستجيب لبعض المتطلبات الديمقراطية ويحقق أهدافها، مما يتطلب أن يأخذ في الحسبان ما يلي:
- ضمان قيام برلمان تعددي ذي صفة تمثيلية.
- تعزيز شرعية السلطة التشريعية والسلطة التنفيذية ، وتشجيع قيام حكومة مستقرة وفعالة.
- تعزيز حوافز المصالحة الوطنية.
- تشجيع التوافق بين الأحزاب المختلفة، وذات الإيديولوجيات المتباعدة.
- بلورة معارضة برلمانية قوية ومستعدة للحكم دون أن يؤدي ذلك للإخلال بسير المؤسسات الدستورية القائمة.
- تنمية حس المسؤولية إلى أعلى درجة لدى الحكومة والنواب المنتخبين.
- مراعاة طاقات البلد الإدارية والمالية.
- أن تكون الانتخابات في متناول الناخب العادي وأن تتم بصورة صحيحة.
زيادة على ذلك، ترتبط الانتخابات وعملية الإصلاح الانتخابي بالحكم الراشد ومحاربة الفساد الانتخابي، فباعتبار الانتخابات تشكل آلية للمساءلة والمراقبة والشفافية، فهي بذلك إحدى أهم صفات إدارة الحكم الراشد، طالما تمت هذه الانتخابات بانتظام وبصفة دورية، تسمح للمواطنين باختيار الحكام وبعدم إبقائهم في السلطة عند انتهاء ولايتهم ومحاسبتهم وتقييم عهدهم، ولا يتم ذلك إلا من خلال الحملات الانتخابية والعمليات الانتخابية بشكل عام، والتي ينبغي أن تكون حرة نزيهة خالية من التزوير والضغوط في إضفاء الشرعية السياسية للنظام السياسي وكسب ثقة المواطن.
فمتى ما تمكننا من مراعات ماذكرناه يمكن القول بأن الناخب العراقي على درجة من الوعي السياسي قد تتحول من كيان ذات اطار روبوتي بعيد كل البعد عن التسيس الضيق ويدافع عن حقه الانتخابي دون المساس بما يتمناه من أجل غد أفضل!...
وأخيرا أود ان أشير الى مقولة مشهورة لمستشار الأول في ألمانيا بعد الحرب العالمية الثانية (كونراد أديناور) والذي قال (ان السلطة والمسؤولية مرتبطان ببعضهما البعض بصورة لا يمكن فصلهما)!....
لذلك نأمل بأن التحول الديمقراطي وحق الفرد في التصويت والانتخاب أن يعمق من صلة التوافق بين السلطة والمسؤولية!
* د. تاڤگه احمد مرزا، عضو مجلس النواب العراقي وعضو ملتقى النبأ للحوار ...........................* الآراء الواردة لا تعبر بالضرورة عن رأي شبكة النبأ المعلوماتية