أصبح استفتاء اقليم كردستان، الذي أجري في 25/9/2017، وأعلنت حكومة اقليم كردستان في 25/10/2017، أي بعد شهر من إجرائه، تجميد نتائجه، جزءا من الماضي
أصبح استفتاء اقليم كردستان، الذي أجري في 25/9/2017، وأعلنت حكومة اقليم كردستان في 25/10/2017، أي بعد شهر من إجرائه، تجميد نتائجه، جزءا من الماضي، وهذا ليس لأن رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي قال ذلك، أوأن حكومة الاقليم قرر تجميد نتائجه، حيث هناك إشكالية في سلطة الحكومة لإصدار مثل هكذا قرار، ولكن أصبح من الماضي لأن الاستفتاء الذي كان من المقرر أن يكون لاستقلال كردستان، ليس فقط لم يتم العمل بنتيجته، بل أصبح عاملا مساعدا لتقوية الدولة العراقية وشخص العبادي على الساحة السياسية العراقية، هذا فضلا عن الأضرار القومية والوطنية التي ألحقها بإقليم كردستان وخسارة نصف مساحة أرض كردستان، كما انه جمع الدول الاقليمية المتنازعة التي تتصارع فيما بينها لأكثر من نصف قرن، حول خطاب موحد، والبحث في كل هذه المسائل يحتاج الى تحليل وتحقيق دقيق ومفصل لايمكن التطرق اليه في هذا المقال، ولكن نقول فقط إن الكرد قالوا قديما (ذهب للحيته لكنه خسر شاربه أيضا).
أحد أصدقائي البرلمانيين الذي ذهب للقاء قيس الخزعلي الأمين العام لعصائب أهل الحق، قال للخزعلي: ما كنتم تريدونه حصلتم عليه بسبب الاستفتاء، فماذا تريدون بعد؟ فأجابه الخزعلي: خلال الليلتين الأخيرتين قبل الاستفتاء كنت أدعو الحسين كي لا يتراجع بارزاني ولا يقبل ببديل الأمريكان ويمضي في إجراء الاستفتاء.
وهنا يتبين، إذا كان محرك هذا الاستفتاء الذي هو في سدة الحكم منذ أكثر من 25 عاما وتجربته في السياسة يمتد الى عشرات السنين قبل ذلك، لايفهم المناورات السياسية والمعادلات الاقليمية والدولية بقدر فهم الخزعلي، ماذا يمكن أن ينتظر منه بعد الآن؟! الأفضل أن نترك ذلك لحكم التاريخ.
ولكي نتدارك ما يمكن تداركه، ينبغي معرفة كيفية التعامل مع بغداد وبالمقابل كيف تنظر بغداد الى الوضع؟ وهذا ما سوف أتطرق اليه من وجهة نظري الشخصية كأحد ممثلي شعب كردستان في مجلس النواب العراقي:
1/ تحركنا باتجاه بغدادالاعتراف بالخطأ هو الخطوة الأولى هو الخطوة الأولى لتصحيحه، ولذلك ينبغي أن نتحمل جميعا المسؤولية، حتى الذين لم نكن مع توقيت الاستفتاء وبينا بوضوح مخاطره لكن لم نلق آذانا صاغية، فالآن ليس وقت المساءلة والمحاكمة، لأننا جميعا في نفس القارب وإذا غرق نغرق جميعا معه، بل الآن هو وقت إعادة توحيد الارادة والصف والمصالحة مع شعبنا، ولاسيما أهالي الطوز وكركوك المنكوبين، آن الأوان للمصالحة المجتمعية والسياسية بين الأحزاب ومن ثم دمج المصالحتين مع بعض، أي مصالحة المجتمع الكردستاني فيما بينه، ومن ثم مصالحة الجماهير مع السياسيين والقوى السياسية، وهذا يتحقق بإعادة الثقة فيما بين الشعب والأحزاب السياسية، وهي ليست بالأمر الهين، ويمكن نيل هذه الثقة على الأقل بصياغة ستراتيجية جديدة مع بغداد.
الستراتيجية الجديدة مع بغداد تبدأ أولا بترك العقلية التسلطية والمتعصبة التي ترى أن الدستور هو مصدر المشاكل، كلا، يجب أن تعترف أنك لم تعرف استخدام المواد الدستورية في خدمة قضية شعبك بالاعتدال والعقلانية، بمعنى آخر لم تتبع اسلوب مام جلال في بغداد بجعل الدستور وسيلة لرفاهية وسعادة شعب كردستان وتعزيز موقع الاقليم على المستوى المحلي في العراق وكذلك في الأوساط الدولية والاقليمية.
لذا فإن ترك هذه العقلية هو بداية لصياغة ستراتيجية ناجحة للكرد في العراق، فالفرصة مازالت سانحة والدستور باق كما هو والمواد المتعلقة بشعب كردستان لم تتغير وتنتظر العقلية المنفتحة التي تأتي الى بغداد لإخراج الكرد من المحنة التي يعيشها.
2/ تحرك بغداد باتجاهنابعد أحداث 16 أكتوبر، يلتمس نوع من الغرور السياسي والتعالي إزاء مبادرات الاقليم، وخاصة من قبل رئيس الوزراء حيدر العبادي، ما قد يؤدي الى قلب المعادلة، لان الغرور فضلا عن كونه يتسبب في إهدار الفرص، يؤدي أيضا الى ازدياد غضب من كانوا مؤيدين للبقاء مع العراق، وإذا اتجه الوضع نحو نفق مسدود، يمكن ان تبرز مخاطر الاقتتال الداخلي الذي يتضرر منه الجميع في النهاية، والمناطق المتنازع عليها وفي مقدمتها كركوك، هي الأقرب من هذه المخاطر، فعلى الحكومة العراقية وشخص رئيس الوزراء اتخاذ خطوات عملية فورا للبدء بحوار غير مشروط بعد تجميد الاستفتاء السياسي (وإن كانت عليه ملاحظات)، لمعالجة المشاكل في إطار الدستور وبعيدا عن الغرور.
* نائب رئيس كتلة الاتحاد الوطني الكردستاني في مجلس النواب