انتظم الحشد الشعبي (كيانا ودورا) على مائدة السياسيين كأحد محاور الجدل والتجاذب السياسي قبيل انطلاق المارثون الانتخابي والموقف من الحشد ينط
انتظم الحشد الشعبي (كيانا ودورا) على مائدة السياسيين كأحد محاور الجدل والتجاذب السياسي قبيل انطلاق المارثون الانتخابي والموقف من الحشد ينطلق من اعتراف كبير بدوره وقوته على الارض ،ومن تخوف واضح من الضاغط السياسي الذي يمثله الحشد بلحاظ الطموح الذي يدفع بعض رموزه نحو المشاركة الانتخابية والدخول في التحالفات أو في تغيير الرؤى والقناعات حيثما انتشر الحشد في وسط الناخبين.
اول التحذيرات انطلقت من الفاعليات السياسية السنية التي رأت في استمرار بقاء الحشد في المناطق المحررة من داعش عامل تغيير وأضعاف للقناعات التي تعتمدها لجذب الناخببين للتصويت لها ، فانخراط عدد كبير من ابناء تلك المناطق في مؤسسة الحشد وظهور قوى عشائرية احتشدت هي الاخرى للقتال ضد داعش وصنفت هيكليا ضمن كيان الحشد الشعبي ،كل ذلك احدث تغييرا لن يكون مقدورا السيطرة على نتائجه ، ولهذا احتسبت الفاعليات السياسية التقليدية للامر مبكرا ودعت الى سحب الحشد الى خارج المناطق والمدن السنية لمنع تاثير وجود السلاح على قناعات الناخبين وطالبت بدمج الحشد في القوات المسلحة النظامية ورفعت شعار عدم السماح بوجود مؤسسة رديفة أو موازية تحمل السلاح غامزة من طرف الحشد بانه يحمل مشروعا لايمثل مشروع الدولة العراقية ويستفز وجوده المواطنين في تلك المناطق ،هذا الموقف عبرت عنه معظم الزعامات السنية محذرة من عدم نزاهة وديمقراطية الانتخابات القادمة خصوصا مع بقاء عدد كبير من النازحين في المخيمات وممانعة قوى من الحشد من عودة البعض الاخر لمناطقهم رغم مضي وقت طويل على تحريرها.
في مقابل هذا الموقف هناك موقف يدعو الى تكريم فصائل الحشد ومساواتها بالامتيازات التي يتمتع بها اقرانهم مقاتلي الاجهزة النظامية والى تبني كل الطروحات التي تصدر عن قادة حشديين بما في ذلك المواقف السياسية والمشاركة الانتخابية ليصبح ذلك بمثابة تقدير لتضحيات الحشد ودوره الذي لا ينكر في صناعة النصر العراقي لكن ذلك يستبطن خروجا على القانون الذي جعل الحشد مؤسسة رسمية يمنع عليها العمل السياسي، ومن اراد الانخراط في الانتخابات عليه ان ينفصل عن الحشد ولايعود مصنفا عليه ولايحق له الحديث باسمه او استثماره سياسيا وهذا الامر سيكون احد اشكاليات الفترة القريبة القادمة لان بعض من يحسبون انفسهم ضمن الحشد لايتوانى عن التذكير بانه كان فصيلا مقاوما سابقا لوجود الحشد وانه التحق به لتنسيق العمل وللحصول على الدعم والمساندة ولم يكن انخراطه تنظيميا او تعهديا لكن هذا الجدل لاينحصر في الداخل العراقي فحدود الحديث عن الحشد والموقف منه له امتدادات اقليمية ودولية وهناك مساعي وضغوط لتحجيم دور الحشد ميدانيا او الذهاب بعيدا بتصنيف بعض فصائله على لائحة الارهاب ،ضمن جهد مخطط ومدروس تقوده بعض مواقع القرار الامريكية وبدفع اقليمي فالمعادون والمتخوفون من الحشد لاينظرون اليه باعتباره تجربة شعبية عراقية استجابت لنداء المرجعية وقامت بدور كبير في مواجهة الخطر الارهابي وساهمت في القتال ضد داعش نيابة عن العالم باسره بل انهم ينطلقون بدوافع سياسية وامنية وحسابات بعيدة المدى يتداخل فيها التحريض والتخويف ويهيمن فيها التفكير الطائفي والاصطفافات المحورية ،لقد صنفت هذه القوى الحشد منذ اليوم الاول على انه ميليشيا مرتبطة بايران رغم علمها بان غالبية الحشد تطوع واندفع بنداء المرجعية ولحاجة عراقية بحتة وفي المقابل فان لايران رؤية استراتيجية منطلقها جيوسياسي- عقائدي مفادها ان الدول التي تعرضت للاحتلالات واصاب مجتمعها التطرف والاحتراب الداخلي وابتليت بالارهاب ستبقى هشه وضعيفة وسيستمر وضعها الامني والسياسي رهين المعادلات الداخلية المضطربة والتدخلات الاقليمية والاملاءات الدولية ولابد من تكوين كتلة صلبة عقائدية مندفعة بالوازع الديني والتكوين الايديولوجي الرافض لهذه المعادلات والاملاءات ولاترهن مواقفها للحساسيات الاقليمية والمذهبية هذه الرؤية جعلت المحور المضاد يصنف كل حزب او فصيل او حركة او تيار يتبناها بانه ذراع لايران ومرتبط باستراتيجيتها وتطاله العداوات والعقوبات التي تطال ايران نفسها تحت يافطة عدم السماح بولادة حزب الله جديد على غرار حزب الله اللبناني يصبح امرا واقعا ويكون له حضور سياسي وامني وعسكري مؤثر وحاسم في معادلات التنافس والصراع الاقليمي.
ان الدعوات لمنع تشكل دولة داخل الدولة او حصر السلاح بيد الدولة وحدها ودمج كل القوى المسلحة بمؤسسات الدولة انما تعكس المخاوف والدوافع الانفة وعليه فان انتخابات العراق القادمة لن تكون باجندات محلية وحدها ومن يريد مصلحة العراق عليه ان يحذر من الشعارات والمواقف التي تؤسس لبنية صراع داخلي يكون امتدادا لصراع اقليمي محتدم لايحتمله العراق الخارج للتو من اتون حرب ضروس ضد الارهاب كانت البيئة الداخلية احد اهم مسبباتها.