يقدم العالم فرصة ثمينة للعراق للعودة الى جادة البناء والاعمار والاندماج في الاقتصاد العالمي ،فحماس دول كبيرة وشركات عالمية للمشاركة في موتمر الكويت ،مبادرة ثمينة ومشروع كبير يمكن ان يكون بمستوى مشروع مارشال الذي اعاد بناء اوربا بعد الحرب العالمية الثانية ،الامر يتوقف علينا نحن في العراق في تثمين هذه الفرصة واعداد الاستراتيجية والخطط اللازمة وشرح الاهداف وتطمين الدول والشركات والمصارف بان العراق اصبح فرصة لرجال الاعمال وان الصورة تغيرت من بيئة طاردة للاستثمارات الى بيئة جاذبة .
العراقيون يدركون ان اهتمام العالم بهم سياسيا واقتصاديا واعماريا ،مرده الكلفة الانسانية الكبيرة والمخاوف العظيمة من ارتدادات الارهاب على الامن والسلام في العالم ،فكما شارك الكثيرون في التحالف الدولي لمحاربة داعش عسكريا واستخباريا ولوجستيا واعتبروا ذلك دفاعا عن النفس وجزء من المسؤولية السياسية والاخلاقية والعملية لمواجهة خطر الارهاب وتداعياته الامنية والسياسية والاجتماعية ،فان استثمارهم في مشروع اعادة بناء العراق هو الوجه الاخر لتلك المسؤولية ،ويدخل في صميم الاستراتيجية الدولية في التصدي للارهاب .
ان اعادة بناء العراق وتمكين الملايين من العودة الى منازلهم ومدنهم وقراهم وتشييد بنية تحيتية لازمة وتوفير اقتصاد محلي ودورة اقتصادية فعالة ، هي استثمار مباشر في المشروع الامني السياسي الاقتصادي المضاد للارهاب ،فقطع الطريق على عودة الفكر المتطرف والبيئة الحاضنة وانصراف السكان الى مزاولة اعمالهم في ظل حكومات محلية ناجحة واستقرار سياسي واجتماعي واجراءات عدالة ومساواة وتكافؤ في الفرصة وتوافق سياسي ضروري ، يلغي مقولات التمييز والطائفية والاقصاء ويبدد الاتهامات بانعدام التوازن التنموي والاعماري ،وكل ذلك يدخل في صلب مشروع منع الارهاب من العودة مجددا .تبدو الحماسة الدولية لمؤتمر الكويت اذن من هذه الدوافع ولهذه المنطلقات ،وهي محاولة لتجريب مشروع مارشال مجددا ،كما انها اعتراف صريح بتضحيات العراقيين وانتصارهم العسكري الكبير ،واعتراف بالسياسة الناجحة لحكومة رئيس الوزراء العراقي في ادارة حرب التحرير ،لكن ماينتظره العالم من العراقيين هو اثبات كفاءة مماثلة في الاعمار واستثمار الفرص وجذب رؤوس الاموال وتطمين المانحين والشركات ،وتشجيع الدول على الانخراط في الاستثمار المباشر في العراق ،لتتحقق مكافاة دولية للعراقيين على جهودهم وصبرهم وجلدهم في التصدي لداعش واخواتها .
ان اخوف مايتخوف منه المستثمرون والداعمون والمانحون والمقرضون هو الفساد والصراع السياسي وضياع سلطة القانون وانعدام المسؤولية الاجتماعية في هذه اللحظة التاريخية من عمر العراق ،فمالم يشعر كل فرد وعشيرة وفئة اجتماعية وتيار سياسي وتكتل حزبي ،ان هذه هي فرصة العراق وربما تكون الاخيرة للاستفادة من الدعم الدولي لاخراج البلاد من تخلفها وتجديد بناها فان مشروع اعادة الاعمار لن يحقق اهدافه ،الامر يتطلب جدية عالية وحكمة عملية ببذل كل جهد وفتح كل مجالات التعاون وتهيئة الاسباب المطمئنة امنيا وسياسيا وقانونيا ولوجستيا .
لن تنجح تنمية ولن يتحقق اعمار برؤى متصادمة وتخريب متعمد وافساد مقصود نكاية بهذا الطرف السياسي وذاك الزعيم ،الخطوات التي تسير بها الدولة تبدو واعدة والانتخابات القادمة ستاتي بحكومة جديدة ،وعلى العراقيين الاختيار بين مواقف وسلوكيات وشعارات متعددة ،وعليهم ان يتذكروا ان كسب ثقة المجتمع الدولي ومجتمع رجال الاعمال والساسة وبناء صورة عن عراق المستقبل ،ايجابية وناجحة هي مايفيد العراق في هذه المرحلة دونما تخلي عن تعبئة الامكانات المحلية وتنشيط الجهد الوطني ،
انها فرصة كبيرة علينا ان لانبددها ،وتحتاج الى مساهمة الاعلام والثقافة ومنابر السياسة والدين لشرحها وتدعيمها وعدم الالتفات للاصوات المثبطة والمشككة ،لان من يعرف حجم التحديات والاعباء الاقتصادية سينحاز الى فكرة توظيف كل جهد داعم ومبادرة استثمارية و اقل عملة نقدية من اجل انجاح مشروع بناء العراق ودعك من اقاويل ( انهم طامعون بنفطنا وارضنا وانهم لم يأتوا لسواد عيوننا).