تعود عضوية بريطانيا في الاتحاد الأوروبي لعام 1973 بتسميته السابقة (السوق الاوروبية المشتركة) ومن ذلك التاريخ وتعد المملكة المتحدة من أهم الدو
52% من البريطانيين لصالح خيار الخروج.
حيث جاءت الاسباب على محورين الاول هو الانتكاسات الاقتصادية لعدد من دول اليورو والذي فرض على بريطانيا تقديم القروض والمساعدات بعيداً عن حدودها والسبب الثاني هي موجات اللاجئين التي اجتاحت اوروبا والقرارات التي اتخذت لتقسيمهم ودمجهم مع مجتمعات دول الاتحاد لذلك فان خروج بريطانيا بهذا الوقت قد وجه ضربة قوية وتهديداً مباشراً لتماسك منطقة اليورو لا سيما و أن القرار سيصعب المهمة على بقية الدول وخاصة الكبيرة وذات النفوذ كألمانيا وفرنسا لذلك جاءت ردود فعل أوروبياً و دولياً لبحث تداعيات هذا الانسحاب، ومنها آثاره على الشرق الاوسط اذا ما علمنا للملكة المتحدة الكثير من المصالح الاقتصادية والامنية والسياسية في هذه المنطقة حيث ستعمل لندن في المرحلة المقبلة الى تطبيق سياسة اكثر استقلالية والسير على نهج العصر الذهبي لها واستعادة مكانتها كدولة عظمى ولكن هذا الطموح قد يصطدم بالاستراتيجية الأميركية في التعامل مع العالم.
لذلك فان امام لندن خيار الدخول في صراعات التوازنات في منطقة الشرق الاوسط بنحو منفصل وتوسيع مشاريعها الاقتصادية والاستثمارية وكذلك السماح بتوقيع عقود تسليح أكبر لا سيما لدول الخليج والتي تعتمد كثيرًا على الصناعات العسكرية البريطانية في تجهيز جيوشها.
اما من مواقفها السياسية فمن الممكن ان يكون للملكة المتحدة اهداف تخدم توسيع نفوذها اذا ما عرفنا بأنها كانت متقيدة ببعض ما كان يصدر من الاتحاد الاوروبي اتجاه ما جرى من تغييرات واحداث في الشرق الاوسط وهذا ما يجعلنا نعود الى ما قاله ديفيد كاميرون في عام 2010 قبل انتخابه رئيساً للوزراء «قلنا دائمًا ان علاقتنا مع امريكا يجب أن تكون قوية ولكن ليست عبودية. مسموح لنا بالاختلاف ومسموح لنا بعقد اتفاق بدلا من مجرد الموافقة على كل شيء. سيكون هذا منهجنا.
اما الخيار الثاني الذي سيكون امامها فهو الحفاظ على التحالف الجيوسياسي بينها وبين الولايات المتحدة الاميركية والذي يعد دورًا مكملا للمشروع الاميركي في منطقة الشرق الاوسط لذلك علقت مجلة «فورين بوليسى» الأميركية في عددها يوم 22-4-2016 على أن خروج بريطانيا لن يكون كارثة دبلوماسية واقتصادية لأميركا بل ربما تستطيع الولايات المتحدة الاستفادة منه بتعزيز علاقة التحالف القديمة بين البلدين وتعميق التعاون بينهما بنحو ليس ممكناً مع وجود بريطانيا في الاتحاد، وذلك فيما يتعلق بقضايا التنمية والأمن العالمي فيما كان الموقف الاميركي متوازناً من هذا الانفصال عبر ما صرح به اوباما بالقول «ان بريطانيا والاتحاد الأوروبي سيبقيان شريكين لواشنطن ولا يمكن الاستغناء عنهم مشيراً على أنه واثق من أن المملكة المتحدة ملتزمة بخروج سلس من الاتحاد الأوروبي، مؤكداً أن العلاقات مع بريطانيا استثنائية ولن تتغير ان هذا الموقف لم يأتي من فراغ بل لوجود مصالح واستراتيجية تخدم البلدين ومنها توزيع الغنائم عبر تحالفات عسكرية والدخول في حروب مشتركة واهمها كانت موارد الطاقة في الشرق الأوسط، اذ تعد بريطانيا المحرض والمخطط الرئيسي لاحتلال العراق، قبل 2003 بنحو العام، فالوثائق البريطانية تثبت بما لا يقبل الشك أنها خططت لاحتلال العراق والسيطرة على الثروات العراقية وعلى رأسها الثروة النفطية.
وكذلك مساهمتهما معاً في احداث فوضى في عدد من دول الشرق الاوسط عبر ما يسمى الربيع العربي ودعمهما لمجاميع مسلحة تحت مسمى دعم الديمقراطية من اجل إسقاط أنظمة وحكومات الا ان هذه المشاريع والبرامج كان تأثيرها على بريطانيا كارثياً فتحملت بريطانيا الأعباء السلبية لتلك البرامج من تدهور قيمة الباوند الإنجليزي وازدياد نسب البطالة وفقدانها لاهم الأسواق العربية والإسلامية وتراجع الاقتصاد البريطاني بنسب مخيفة وعبر تدفق اللاجئين من الشرق الاوسط وبأعداد هائلة نحو اوروبا لتحدث ازمة كبيرة بين بريطانيا وبقية الدول الاوروبية مما اسهم بنحو كبير في تسريع خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.
* رئيس المركز العراقي للتنمية الاعلامية، وباحث مشارك في ملتقى النبأ للحوار
...........................* الآراء الواردة لا تعبر بالضرورة عن رأي شبكة النبأ المعلوماتية