Elephant in the room ومعناها بالعربية (فيل في غرفة)، وهي عبارة يستخدمها الانكليز وشعوب اخرى للتعبير عن (حقيقة واضحة يتم تجاهلها)، او مشكلة تتفاقم بسبب
Elephant in the room ومعناها بالعربية (فيل في غرفة)، وهي عبارة يستخدمها الانكليز وشعوب اخرى للتعبير عن (حقيقة واضحة يتم تجاهلها)، او مشكلة تتفاقم بسبب عدم معالجتها، أو خطر حقيقي حاصل ولا أحد يريد التحدث فيه.
لقد كتبتُ عن هذا الموضوع بالضبط في شهر اكتوبر تشرين اول عام 2003 ونشرته في صحيفة الزمان الغرّاء ضمن عمود صحفي يومي لي على صفحاتها آنذاك، وعلى صفحتي في الحوار المتمدن بتاريخ 25/10/2003. وهو ما أعرضه اليوم ثانية للقراءة هنا أو على الرابط القديم من باب (فَذَكِّرْ إِنْ نَفَعَتِ الذِّكْرَى) منبها الى كلمة (يخشى) و(س) المستقبل في ماكتبت، لتضيفوا من عدنياتكم كمْ فيل جديد دخل الغرفة َالعراقية منذ ذلك الحين حتى اليوم؟..
تشير هذه العبارة – المثـل إلى وصف العائق الذي يعرقل أية حلول، ويصنع أو يضخم أية أزمة على الصعيد الشخصي العائلي او الوطني أو الدولي، ومحظوظ من يكون فيله اقلَّ حجماً، لتتنفس حياته، وينفّس عن مختنقاته، وعليه تتنوع تعاريف –فيل الغرفة- حسب نوع العائق، وحسب حجم الازمة والحاجة والاهداف فيما اذا كانت حربا للاستقلال أو تنظيما للمصروف اليومي، مرة يكون الفيل سلوك رب الاسرة أو أحد أفرادها، ومرة يكون شحة اقتصاد الدولة، ومرة يكون الصحة، ومرة يكون الخوف، أو الفقر او الفساد او الحياء ( المستحة) ومرة يكون النفاق، ومرة يكون النفط نفسه حين يتحول من طائر في سماء الوطن الى فيلٍ جبّار في أضيق غُرَفِهْ، ومرة يكون الدين اذا قُرئت نصوصُهُ بالمقلوب، وأغلب الأحيان وربما دائما في محيطنا العربي السياسي يكون الحاكم ونظام الحكم هو الفيل الأعظم حفظه الله ورعاه.
امتياز العراق اليوم عن كل العالم ان هناك أكثر من فيل واحد في الغرفة، لم نترك دعاء الا وابتلهنا به الى الله، وليس هناك شكوى الا وشكوناها له، أملاً في خلاصنا من هذه الفيلة او في الاقل الحد من تناسلها، فبعد خلاص البلاد من فيل النظام السابق ومجيء فيل الاحتلال، (يخشى) من ولادة فيلة أخرى، ليتحسر العراقيون على فيل واحد يرفس ماشاء له بدل جوقةٍ من الفيلة مختلفة في الأهداف والأساليب، فيلة من نوع، الارهاب والطائفية والسلاح خارج سلطة الدولة والتدخل الخارجي، والعمالة، واعادة انتاج الديكتاتورية، فيلة تخرج من رماد النظام نفسه لتلتحق بفيلة قادمة من الخارج لاتعرف عن العراق شيئا، معبّاةً بالانتقام، لاترى البلاد سوى ساحة وصحراء سياسية لتصفية الحسابات وعقائد القتل العمياء، والتفسيرات المظلمة الضيقة للحرية والكفاح والمقاومة الشريفة وغير الشريفة.
هذه الفيلة وغيرها هي التي (سَ) تُحرق ما تبقى من العراق، وهي التي (سَ) تجعل من العراقيين الآمنين يواصلون الفرجة على دمائهم بعد ان انتقلت سجون النظام السابق السرية والقتل الغامض والمخفي لتصبح سجونا معلنة وميادين للقتل في وضح النهار، وبعد ان تحوّلَ الخوف من خشية جهة واحدة هي النظام واجهزته الى خوف من أطراف لاحصر لها. اذا ضَرب هؤلاء سقط ضحايا أبرياء، وإذا ردّ اولئك سقط ضحايا أبرياء كذلك. وبين هذا وذاك يخفتُ نور المستقبل ويتحسر المتفائلون على طيور الحرية والسلام وهي تختنق وسط الرمال والعواصف التي تزفرها الفيَلةُ الهائجةُ الآن على الساحة العراقية.
* عبد الحميد الصائح، كاتب صحفي وباحث مشارك في ملتقى النبأ للحوار ...........................* الآراء الواردة لا تعبر بالضرورة عن رأي شبكة النبأ المعلوماتية