ضغوط الحرب على معنويات المدافع هي ليست نفسها على معنويات المهاجم فالمهاجم يمتلك المبادأة التي لا يمتلكها المدافع، وكذلك فأن المهاجم لديه ا
ضغوط الحرب على معنويات المدافع هي ليست نفسها على معنويات المهاجم فالمهاجم يمتلك المبادأة التي لا يمتلكها المدافع، وكذلك فأن المهاجم لديه الحرية في تعديل خططه وإدامة زخم هجومه، وهو الذي يختار المكان والزمان المناسبين، هذا فضلا عن ان كونه (مهاجم) يعطيه زخما معنويا مميزا. خصوصا وأنه كمهاجم على حي الزهور في الموصل مثلا فهو يعي جيدا انه سيحررها بأيام ويسترح ويأمن على حياته لفترة محددة.
اما المدافع وخصوصا في الحرب الدفاعية طويلة الامد كحال المدافع العراقي في الحرب العراقية الايرانية وحربه ضد الارهاب فسيكون بحاجة الى شحنات معنوية مستمرة تقاتل خوفه من المجهول وتقاتل الملل والجمود..
لتوضيح معنى الصمود والتضحية بالنفس.. أي مواجهة الموت أذكر ان قائد الكفار في معركة حنين ((أذ اعجبتكم كثرتكم فلم تغن عنكم شيئا وضاقت بكم الارض بما رحبت ثم وليتم مدبرين)) التوبة 25.. وهي أول معركة بعد فتح مكة مالك ابن عوف الذي وضع طريقة في التنظيم تتلخص بأن يكون اهل المقاتل وانعامه وباقي املاكه معه في الخطوط الامامية رغم اعتراض دريد بن الصمة خبير الحروب الاعمى ونصحه لمالك ان يعيدهم فالمقاتل عندما يواجه الموت شبه المؤكد يهرب غير ملتفتا الى عياله وماله... ادت المعركة الى ان يهرب المسلمين إلا تسعة أولهم الامام علي (ع) وآخرهم عتبة ومعتب ابنا ابي لهب الذي تبت يداه.
دروس في الولاء ودروس في مواجهة الموت اولها ان المهاجم العزوم قد يدمر معنويات المدافع مهما كان المدافع شديد الايمان بقضيته، ان لم يكن يحسب حساب المباغتة التي هي من امتيازات المهاجم الكبيرة، بينما لا يمكنه فعل الشيء نفسه بالمدافع دفاعا تعرضيا يحسب فيه الاحتياطات والعمق والدفاع الى جميع الجهات مع القدرة على شن الهجمات المقابلة العزومة
هذا ماحصل في سقوط تدمر لمرتين يعيدها جيش هو نفسه الذي يفقدها بيوم وليلة، وهو نفسه الذي حصل بفقداننا ثلث العراق بأيام معدودات واستعادتها بسنين معدودات وبآلاف الاروح المعدودات وبملايين النازحين المعدودين وبمليارات دولارات معدودات وبملايين من الدور المهجومات والمجرمين يسرحون ويمرحون ويصرحون.
ليست المشكلة هنا بل المشكلة الحقيقية هي كيف نتأكد من ان الموصل لن تسقط بعد استعادتها كتدمر؟؟ هذا هو السؤال الحقيقي.. ما هي اجرائاتنا لتلافي الموضوع مستقبلا؟؟ هل نعزز الموصل بقطعات كبيرة؟؟ كلا بالتأكيد فقد كان لدينا 55000 جندي في الموصل ليلة هجوم 75 داعشي حسب قول السيد المالكي القائد العام حينها ؟؟
يقول المثل الشعبي ((العليج لا ينفع وقت الغارة)) وبالتالي لا مجال الآن لتقديم التوصيات وهي كثيرة بل يمكن ان تكون التوصية قابلة التحقق اليوم وهي تكمن في الاجابة على السؤال التالي:
ما الذي يجعل الجندي يصمد في الموضع الدفاعي عند غياب عوامل كثيرة كالمعنويات والضبط والقائد الجيد مثلا؟؟ كلنا يعلم مبدأ الثواب والعقاب (الجنة والنار) في الاديان، ولعل الثواب لا ينفع كثيرا عند مواجهة الموت.. وكذلك لا ينفع العقاب كثيرا اذا كان حبسا بسيطا او طردا من الخدمة مثلا..
قالوا لهتلر عندما حصلت حالات فرار وتخاذل بأن المشكلة تكمن بأن الجندي عندما يواجه الموت فمن الصعب ضبطه... اجاب ((ان الموت الذي يواجهه الجندي عند الالتحام بالعدو هو الموت غير المؤكد وعلينا ان نضع امامه خيارين هما الموت غير المؤكد بصموده.. والموت المؤكد بهروبه الا وهو الاعدام حتما، ولا رحمة في هذا الاتجاه كون هروبه سيكلف ارواحا كثيرة لاستعادة الموضع الدفاعي ))، ولعلنا قدمنا آلاف الارواح على اثر الهروب غير المبرر لقواتنا المسلحة في الموصل وغيرها ولا احد قال لكل القادة أفا او نهرهم بل ان بعضهم لا زال يقود في عمليات تحرير الموصل وهو في احسن حال وأرصدته مصانة، فهل هناك مقارنة بين الحالتين؟؟ وهل ان هذه الممارسة الفاشلة ستجعل الجندي يصمد لاحقا؟؟ كلا وألف كلا...وسنعود نشحد من دول العالم مرة اخرى وتصطف الطوابير على (المغيسل) لا سمح الله..
* عبدالخالق الشاهر، كاتب وباحث عراقي، عضو ملتقى النبأ للحوار ...........................* الآراء الواردة لا تعبر بالضرورة عن رأي شبكة النبأ المعلوماتية