رئيس هيئة النزاهة الأسبق في العراق للفساد اسباب تاريخية وقانونية وقضائية واجتماعية واقتصادية وتنظيمية وحتى دينية وتربوية، انما تظل المسؤو
رئيس هيئة النزاهة الأسبق في العراقللفساد اسباب تاريخية وقانونية وقضائية واجتماعية واقتصادية وتنظيمية وحتى دينية وتربوية، انما تظل المسؤولية عن تفشيه وترسخه وتعاظم اثاره هي مسؤولية سياسية خالصة..
النظام السياسي الحالي وحكوماته المتعاقبة رفعت شعار محاربة الفساد في كل برامجها التي منحت الثقة عليها لكنها كانت تتوافق على الفساد في الخفاء وعلى محاربة الفساد في العلن لخداع الشعب والتاريخ..
ورغم هناك من يحاول تخفيف حقيقة الخسارة التي لحقت بالعراق بسبب الفساد حينما ينكر تقدير خسائره بسبب الفساد بانها الف مليار... لان حقيقة خسائر العراق بسبب الفساد اعظم من هذا الرقم بكثير،، ورغم ان بعض المتورطين بالفساد او المدافعين عن المتورطين به ينكرون ذلك،، لكن الحقائق كالشمس لا تخفى بغربال..
وانا كغيري من غالبية العراقيين -فيما ارجح- فقدنا الثقة بالنظام السياسي وفقدنا الامل في اصلاحه وفي امكانية مكافحة الفساد في ظله لانه نظام يقوم على الفساد ويتغدى بالفساد ويحمي الفساد ويحتمي بالفساد..
وانا كغيري من غالبية العراقيين مللنا الحديث عن الفساد وعن آثار الفساد وانتشاره وصدعت رؤوسنا قصص الفسادين والمتورطين والاموال المنهوبة... انما لن يجدينا نفعا في مواجهة معضلة الفساد فينا الا حلول واقعية جادة.. وهي معروفة وبسيطة انما لن يكون ممكنا تبنيها وتنفيذها بشكل ناجع الا بوجود ارادة سياسية نزيهة وشفافة تخضع للمساءلة من اعلام نزيه وشجاع مستقل وشعب واع،، وهذا شرط اشعر بالاسى من مجرد التفكير به،، لان الارادة السياسية عندنا رثة و فاسدة حد التعفن والشعب غائب مغيب والاعلام مشترى بأبخس الاثمان وشريك في الفساد والافساد الا ما رحم ربي...
لو نهضت لدينا ارادة سياسية نزيه تتبنى الشفافية وتخضع لمساءلة شعب واع واعلام شجاع نزيه مستقل فان الحلول والاليات التطبيقية معروفة تضمنتها اتفاقية الامم المتحدة لمكافحة الفساد التي صادق عليها العراق منذ اب ٢٠٠٧.. وما اسهل العمل بها...
لكنه لم يخطو خطوات واقعية في تنفيذ التزاماته بموجب الاتفاقية.. فظل التصديق حبر على اوراق الفاسدين والسراق..
العنصرين الاهم في منع الفساد ومكافحته هما : شفافية، مساءلة..
انما تظل الشفافية الحكومية والقضائية هي الخطوة الاولى والاهم نحو النزاهة والمساءلة،،، فلا نزاهة بلا شفافية ولا مساءلة بلا شفافية.. وبالتالي لا مكافحة فساد بلا شفافية،،،
وحيث ان دولتنا العتيدة تتبنى السرية كدين وعقيدة مقدسة وتعمل خلف اسوار أمنية وبيروقراطية متينة وفي ابراج عاجية عالية ولا احد يدري ماذا يجري بداخلها وكيف تتصرف بأموال الشعب واصوله،، وحيث ان النظام العدلي والقضائي مثل صندوق اسود يعجز حتى اهله عن معرفة ماذا يجري بداخله.. ضمانا لاستمرار الفاسدين والاميين والانتهازيين وضمانا لاستمرار استخدامه للتآمر واللعب على ادوات القانون والعدالة.. وحيث انه عاجز ومتخاذل ومجامل على حساب العدل والقانون، فكان من اهم اسباب تعطيل المساءلة وبالتالي ضياع اي جهود ضد الفاسدين،، وتشجيعهم على سرقات اعظم وتحفيز سواهم على الاسراع في حفلة النهب المنظم للشعب المغيب..
ومع سلطة تشريعية عاجزة عن وضع نص واحد يخدم قضايا الشعب وهمها الوحيد هو ان تكون شريك في غائم الفساد فاضحت لا عمل لها سوى الفساد وافساد السلطتين التنفيذية والقضائية وحماية الفاسدين فيها او ابتزازهم باسم مكافحة الفساد ( واحيل من ينكر علي ذلك الى تصريح النائب... الشهير الذي حمل الحقيقة بيضاء مثل شمس الظهيرة).
ويهمني ان اضرب مثالا واحد في الشفافية واثرها في منع الفساد ومكافحته هو ان الكثير من دول الغرب الكافر توجب على مؤسساتها الرسمية نشر الوثائق المالية ليعرف الشعب والاعلام والمهتمين كل درهم كيف صرف ولمن صرف وعلى ماذا ولماذا وماذا انتج،، حتى رواتب المسؤولين التنفيذيين ومصاريف وقود سياراتهم وايفاداتهم،،،
اما شفافيتنا فاننا اقترحنا عام ٢٠١١ على الامانة العامة لمجلس الوزراء بعد تفاقم حالات بيع والتلاعب بعقارات الدولة ومشاريعها الصناعية والزراعية ان نلزم جميع الوزارات والهيئات والجهات الرسمية بنشر اي تصرف او بيع او هبة او ايجار لعقارات ومشاريع الدولة على موقع الجهة المتصرفة مع ذكر اوصاف العقار او المشروع المتصرف به وسعره ولمن نقلت ملكيته او اجر وطريقة التصرف واسبابه.. لايقاف استيلاء كبار المتنفذين على عقارات الدولة واصولها،، الا انهم رفضوا ذلك،، ولا احتاج ان اذكر السبب فهو معروف...
ولو فتح هذا الملف لوحده فأتوقع بان تصل عائدات الفاسدين على حساب المال العام من اصول ومشاريع الدولة ما يزيد على حجم ما دخل ميزانية العراق من اموال النفط...
* القاضي رحيم العكيلي، رئيس هيئة النزاهة الأسبق في العراق وعضو ملتقى النبأ للحوار...........................
* الآراء الواردة لا تعبر بالضرورة عن رأي شبكة النبأ المعلوماتية