لم ينتظر الرئيس الامريكي الجديد طويلا ليبلور خطوط سياسته الخارجية، فقد باشر ومنذ اليوم الاول لتسلمه السلطة في وضع شعاراته الانتخابية موضع التنفيذ، بدأ مهاجما ولايريد اضاعة الكثير من الوقت للاستماع الى تحفظات وعقلانية الخبراء، فهو قادم الى البيت الابيض بمبدأ واضح وهو امريكا اولا وبأقل التكاليف، هذا المبدأ لايختلف عن مبادئ من سبقوه من الرؤساء لكن بسياسة خارجية هجومية وباستعداد قوي لتحويل الافكار الى مشاريع عمل دون انتظار لرؤى مختلفة ومضادة تحبط او تقلل من حماسة الاندفاع.
نحن امام ظاهرة رئاسية امريكية جديدة تعالج مشاكل السياسة برؤى الاقتصاد ومنطق الاستثمار واقتناص الفرص وعدم تضييع الوقت في الصفقات.
ستكون السياسة الامريكية في اقليمنا أحد محركات الاوضاع باتجاه حسم القضايا العالقة، ربما تشذ عن ذلك القضية الفلسطينية، لكن بقية ازمات المنطقة وصراعاتها ستتجه الى نهاياتها السعيدة وغير السعيدة لان الشرطي الامريكي ستكون له كلمة الفصل الاخيرة، فهو قادم هذه المرة بوضوح لامثيل له.
استعدادا لهذا الاندفاع الامريكي تبدو دول منطقة الشرق الاوسط أكثر من قلقة في غياب تصور واضح لها عن مآلات واتجاهات الحضور الامريكي، فالأولوية للتخلص من الاسلام الراديكالي الارهابي، وستدخل في هذه الاولوية امن اسرائيل وتجفيف منابع ومسببات وحواضن الارهاب بما فيها الخطابات الطائفية والسلوك السياسي التحريضي والتأزيمي، واذا كانت ادارة ترامب عادلة في هذا السياق يتعين عليها ان تكون لها كلمة حازمة ضد ناشري الفوضى والتدمير والقتل تحت مسمى الانتصار لحقوق هذه الطائفة او تعديل مواقف ذلك النظام.
الجميع في قلق اذن بانتظار وضوح الرؤية، ومن الان بدأت التحوطات الاستباقية بظهور لغة التهدئة والاستعداد للحوارات والتخلي عن منطق القوة، سنشهد المزيد من الحراك السياسي الذي بدأه وزير الخارجية الكويتي في طهران ناقلا رسائل مجلس التعاون الخليجي، وستشهد المنطقة محاولات لترتيب الامور قبل ان تتبلور اتجاهات الفعل الامريكي فيها، لكن من ينجح هو من امتلك رؤيته الخاصة به وسعى الى اقناع ادارة ترامب بها ضمن سياق الحرب على الارهاب وتسوية النزاعات والمشاكل والمواقف المغذية له، في العراق لدينا حرب فعالة ونحن محور مواجهة الارهاب الاول، نحتاج الى سياسات داخلية وخارجية تقدم العراق كفاعل اقليمي نشط في صياغة ترتيبات المرحلة القادمة بل والقادر على تزعمها لو توفرت الارادة الى جانبها.