ناقش ملتقى النبأ للحوار موضوعا بعنوان (ماذا يحتاج الجيش العراقي بعد نهاية داعش) من تاريخ12 الى 16 ايلول 2017، شارك في الحوار مجموعة من الناشطين
ناقش ملتقى النبأ للحوار موضوعا بعنوان (ماذا يحتاج الجيش العراقي بعد نهاية داعش) من تاريخ12 الى 16 ايلول 2017، شارك في الحوار مجموعة من الناشطين والسياسيين من بينهم: )الدكتور احمد الميالي، الدكتور علي فارس،الدكتورة مهدية صالح حسن، الدكتور قحطان حسين طاهر، الhستاذ سعيد ياسين، الدكتور علاء السيلاوي، الاستاذ جواد العطار، الاستاذ ايهاب النواب، الاستاذ خالد الثرواني).
أجرى الحوار مدير الملتقى الكاتب الصحفي علي الطالقاني، وملتقى النبأ للحوار هو مجتمع يسعى إلى تحفيز المناقشات بهدف توليد الأفكار من أجل دعم المؤسسات الحكومية ومنظمات المجتمع المدني وإسداء النصح لها من خلال عدة فعاليات يقوم بها الملتقى.
محاور البحث:المفارقة التاريخية في عمر الجيش العراقي هو أن بدايته بريطانية ونهايته أمريكية، فالجيش الذي أسسه البريطانيون في عام 1921 ، حله الأمريكيون في آيار مايو عام 2003 بقرار من الحاكم المدني للعراق السابق بول بريمر بعد سقوط نظام صدام حسين. لكن من بين النتائج المهمة للمعارك ضد التنظيمات الاهرابية، انها عبدت الطريق امام بعض القيادات العسكرية الميدانية للوصول الى السلطة السياسية.
ان ظاهرة تدخل الجيش في السياسة، هي احدى العلامات التي تتصف بها بلدان الجنوب، على الاخص العربية منها. فنظرا للظروف التي تعانيها هذه البلدان، كونها تمر بمرحلة انتقالية من البداوة الى الحضارة كما يسميها ابن خلدون، او من المجتمعات التقليدية الى المجتمعات الحديثة كما يسميها علماء الغرب، فهي تحتاج الى جيش قوي يساند النظام السياسي الضعيف ويعينه في عملية نقل الشعوب الى واقع أفضل. لكن الجيش عندما يجد بأن النظام السياسي قد فشل في هذه المهمة، سرعان ما ينقض على السلطة ويتولى عملية الانتقال بنفسه. بحسب محللين
برأيكم:
•ماذا يحتاج الجيش العراقي بعد نهاية تنظيم داعش؟
•هل ستنتهي التدخلات السياسية بعمل المنظومة العسكرية؟
•كيف نحمي المؤسسة العسكرية من النعرات الطائفية والمناطقية؟
•هل نحن بحاجة الى قانون التجنيد الالزامي؟
•هل ستستمر الصورة الايجابية للجيش العراقي في المناطق المحررة كما هي الآن؟
المداخلات:الدكتور احمد الميالي:
لست مع التجنيد الالزامي لكني مع ماذهب اليه ميكافيللي حينما قال لاتبنى الدولة القومية القوية الا بأمير فعال وجيش وطني لامكان للمرتزقة فيه. ولهذا لابد من اعادة بناء جيش وطني ينحصر فيه حمل السلاح يبنى على اسس مهنية بعيدة عن التاثيرات السياسية وهيمنة الاقطاب النافذة المحلية وارفض اي امتدادات اقليمية او دولية للجيش ولقادته.
وهذا يتطلب تشريع قانون جديد لتشكل المؤسسة العسكرية دونما ان نعيد تجربة ٢٠٠٣ مع البحث عن قيادات مهنية غير مسيسة لادارة المؤسسة الامنية. يشكل بناء جيش وطني احد اطر الترويكا الثلاثية التي تبنى فيها الدول والامم وهي جهاز سياسي وطني ذو خبرة يمتلك شرعية شعبية، وتداول سلمي للسلطة، وجيش وطني مستقل يحافظ على التجربة.
الدكتور علي فارس:
باعتقادي ان هنالك غموض بين تعبير الجيش والمؤسسة العسكرية وبين مايتداخل معها من مفاهيم وإصطلاحات. نحن لايمكن أن نستغني عن خدمة العلم بأي شكل من الأشكال فأحد متطلبات بناء الدولة الحديثة هو الشعور بالانتماء والذي يمكن تمثيله في المعسكرات المشتركة بين المواطنين على أن تكون هذه الخدمة تهدف للولاء دون أن تهول الأمر مما يجعلها فرصة للمواطنين خصوصاً اذا ماإشتملت على برامج حديثة تدعم حب الوطن.
في العادة الجيش هو مؤسسة تنفيذية لها بعض القرارات المستقلة وهذه الاستقلالية هي التي يمكن أن تجعلها قريبة من الناس فحماية الأفراد وضمان أمنهم هو مايقع على الجيش ومن هنا فان التعايش بين الافراد والجيش سوف يخلق اجواء من الانسجام والتعاون بينهما.
الصورة الايجابية للجيش سوف تستمر مادام المعيار قائم على اساس حماية الافراد لكن من الافضل تسليم المهام بعد عمليات التحرير لان الجيش من حيث اسلوبه يختلف عن قوات حفظ الامن وقوى الامن الداخلي لذلك ينبغي تأهيل هذه الصنوف الساندة لدعم مهام الإستقرار بعد التحرير.
الدكتورة مهدية صالح حسن:
ان موضوع اعادة بناء الجيش العراقي يعد من الموضوعات التي تكتسب أهمية كبيرة للعراق دولة وشعبا .فالجيش في أي دولة من الدول يشكل اولا درعا للدولة ولشعبها وحماية حدودها ومكتسباتها.وقد راينا ما جلبه القرار الحقود الذي اتخذه الحاكم المدني الأمريكي في العراق بول بريمر.من تحول العراق الى ممر لعصابات الجريمة المنظمة وتجارة المخدرات، وسرقة اموال العراق واثاره وأصبحت ارض العراق ساحة لتسوية وتصفية الحسابات.
لذا نطالب أن يكون للعراق جيش قوي مهني لكل العراقيين يحمي الارض والعرض ويشارك في عمليات البناء والتنمية والتي نحن بحاجة ماسة اليها بعد التدمير الذي احدثه الارهابيون واعوانهم في العراق. ولإنجاز ذلك لابد من فتح باب التطوع للشاب وعلى كافة الصنوف الهندسية والفنية والإدارية وكافة المهن وليتحول الجيش إلى مدرسة مهنية وقتالية في ذات الوقت وانا مع إعادة الخدمة الإلزامية المقننة والمحددة بوقت معين وهذا معمول به في معظم دول العالم.
وللخدمة الالزامية كما تعلمون فوائد جمة لانها تصنع الرجال وتبعد الشباب عن الميوعة والتراخي طما انها ستخفف الضغوط على الحكومة من طلب الوظائف.. كما أن الورش الفنية التي ستفتتح والمصانع التي ستنشأ أن احسن التخطيط لها ستسهم في خطط التنمية.. كما أن الجيش سيكون اكبر واسلم مدرسة لاعادة بناء الوحدة الوطنية.
الدكتور قحطان حسين طاهر:
سأجيب على التساؤلات التي طرحها مدير الملتقى تباعا..
1- يحتاج الجيش العراقي الى اعادة تقييم وتنظيم واسعتين من اجل اعادة بناءه وتجهيزه وتعويض النقص الحاصل فيه عدة وعددا بسبب الحرب على داعش... كما انه يحتاج إلى عملية تشخيص واسعة لمكامن الفساد من اجل استئصالها .. كما نحتاج الى تشريعات قانونية تحصن الجيش بكل مؤسساته من النفوذ الحزبي.
2- الاحزاب السياسية لن تكف عن التدخل في عمل المنظومة العسكرية بل قد تسعى مستقبلا إلى زيادة التدخل لأجل كسب القدرة على التحكم بقرارات القيادة العسكرية وضمان عدم تشكل جيش وطني مستقل مخلص لبلده قد يشكل قيدا على اعمالهم ونشاطاتهم غير المسؤولة.
3- قد يكون التجنيد الالزامي احد الحلول التي تضمن حماية الجيش من الاصطفاف الطائفي والقومي والمناطقي.. لكن الحاجة الى قانون انضباط عسكري موضوعي وقابل للتطبيق هو الضمانة الأساسية لحماية الجيش من هذه النعرات.
4- اما الصورة الايجابية التي رسمتها الحرب على داعش للجيش في اذهاب اخواننا السنة تحديدا.. فاستمرارها يعتمد على استمرار الجيش بأدائه الوطني والانساني وابتعاده عن اي سلوك يفقده هذه السمة...كما ان العمل على تغيير وجهات نظر بعض السياسيين ورجال الدين الذين يتمسكون بمواقف سلبية تجاه الجيش لاسباب غير مقنعة.. اصبح ضرورة من خلال الحوار البناء بين هؤلاء من جهة والقيادات العسكرية من جهة اخرى.
الأستاذ سعيد ياسين:
جميل جدا ان تتناول المراكز الحوارية وخاصة ملتقى النبأ للحوار المواضيع الشائكة والملحة في حين كانت هذه الملفات طي الكتمان والسرية القصوى منها ملف القوات المسلحة بشكل عام والجيش بشكل خاص قبل اربعةسنوات كتبت مقالين وبعدها اصدرت تقريرا تمهيديا حول الشفافية في قطاع الامن والدفاع والتسلح في العراق وبعدها شرعت الحكومة بمشاركة لجنة الامن والدفاع النيابية وبالتعاون مع الامم المتحدة وبمشاركة عدد من المنظمات غير الحكومية بفتح ملف اصلاح الامن وهذه لاول مرة في تاريخ العراق.
ونفذ الفريق عدد من الورش النوعية انتجت استراتيجية لاصلاح قطاع الامن لانه ملف امني اجتماعي مشترك كما اود الاشارة الى قيام الحكومة العراقية بعدة تغييرات في المراكز القيادية في القوات المسلحة بشكل عام والعراق ثلثه تحت نير دنس الارهاب الداعشي وتعتبر هذه مؤشرات حقيقية وملموسة في تطور عقلية ادارة الحكم في العراق والتعامل بشكل شفاف ظاهر للمختصين والمتابعين.
كما ان الانتصارات الباهرة للجيش بشكل خاص والقوات المسلحة بشكل عام ورشاقة الاداء وتبادل المواقع وتعزيزها بالخبرات حققت انتصارات كبيرة في تحرير وتطهير ثلاثة محافظات ناهيكم عن الجيوب الخطيرة في حزام بغداد و ديالى ومسكها بيد من حديد طبعا بعيدا عن خروقات يتيمة تستهدف التقليل من المنجز العسكري والامني.
والملفت بشكل كبير هو زيادة الثقة بين القوات المسلحة والشعب وبشكل تاريخي واضح أصبح الشعب العراقي وبشكل طوعي ظهيرا للقوات المسلحة وفي الدعم والاسناد والتموين وصل الى التطوع العام وتشكيل الحشد الشعبي المجاهد ،بعد الفتوى التاريخية للمرجعية الدينية، هنا كان سلم الصعود في تنامي قوة الجيش في جميع صنوفها بالرغم من الاستيلاء على كمية لا بأس بها من الاسلحة والمعدات العسكرية والعتاد وانهيار القدمات الادارية واللوجستية.
اليوم لدينا جيش قوي يحسب له حساب وخاضع للسلطة المدنية ولدينا قوة جوية ناهضة وقوية كما لدينا طيران للجيش ولها صولات واضحة في ساحات القتال، ايضا صنوف الاسناد العسكرية المختلفة من وحدات للصواريخ والمدفعية والوحدات التموينية والطبية والهندسة والجسور وتنامي واضح للمجتمع الاستخباري في القدرة على استدراج المعلومات والباء عليها كخطط.
واليوم نحن امام استحقاقات وطنية لترسيخ وتعزيز وتطوير الجيش العراقي الباسل، نعم توجد الكثير من الاحتياجات والتي يتحملها الشعب بالمزيد من الارواح والجرحى والاموال، كما الاداء الاداري العسكري في الاسناد والدعم، ولنتناول الجاب الاداري من وجهة نظر تعزيز النزاهة والشفافية في الاداء العام لقطاع الامن والدفاعه والتسلح، أرى ان القطاع في حاجة الى تحليل وتقييم ذاتي لمعرفة مكامن القوة والضعف ،وبناء استراتيجية محكمة ولسقف زمني محدد خاضع للتقييم والمراجعة والتقويم،من المؤكد ان القطاع في حاجة الى المزيد من الاموال لتعزيز قوته بشكل متكامل في جميع الصنوف،القطاع يحتاج الى دقة في تكليف القيادات وحسب المهارات والتخصص ،وتوجيه دقيق للاموال في خيار التجهيزات الحربية ونوعيتها بما يتلائم البيئة العراقية،امامنا جيش وطني مفتوح لجميع الشعب العراقي بكل تفاصيله.
ومن اهم الموارد للجيش هي الموارد البشرية والتي تستلزم التدريب والتأهيل والتسليح ،عندما نقول ضرور التجنيد الالزامي فأنه يحقق لنا مزايا كثيرة منها وجود كل الشعب العراقي في الجيش ولفترات يتفق عليها قانونيا،وخلق ادماج روحي بين الجيش والشعب ،يتلقى فيهل الشباب اولى أسس العقيدة الوطنية وبعدها ينطلق لبناء الحياة وفق هذه العقيدة الوطنية،كما يخلق لنا قوة احتياط ظهير للجيش ويكون مدربا ومؤهلا لاداء المهام الموكلة،كما ان التجنيد الالزامي يخلق عمقا معنويا للقوات المسلحة ان اعتماد مبدأ التعاقد او الاقتصار على التطوع خلق او شجيع بيئة للفساد والمحسوبية والمنسوبية بل حتى نفوذ سياسي في صفوف الجيش، والايام كشفت كيف ولا اود الولوج لهذا الملف المؤلم وتداعياته.
ان الصورة السابقة للجيش كانت مهزوزة بفعل السياسة والتدخلات السياسية والاكثار من التصريحات والمواقف اغلبها كانت غير مفيدة بل مضرة، الا ان اداء لجنة الامن والدفاع النيابية خلال السنوات الماضية تحسب لها في توفير الظروف المعنوية والمادية كرسالة دعم واسناد استلمتها القوات المسلحة، وهي من مسببات النصر ان فصل الملفات التنفيذية عن التشريعية وعدم التدخل السياسي من الاسباب المهمة في بناء مؤسسة عسكرية رصينة ولائها للوطن حسب المرجعيات المحددة دستوريا وقانونيا.
العراق بحاجة الى تطوير ادوات المجتمع الاستخباري بشريا وتقنيا وبرقابة نيابية كاتمة للمعلومة الامنية مع المساءلة والمحاسبة حال عدم كتم المعلومة ولا اريد ان اسهب في هذا الملف ليس لعدم الدراية بل لان الملف كبير ومهم ويحتاج الى وقت وارادة ولعلاقة الموضوع بالقطاعات الحكومية الاخرى كالتربية والتعليم والثقافة المجتمعية واحترام سيادة القانون وانفاذ القانون واحقاق الحقوق وحماية الخريات الدستورية، طبعا مع التنامي الحاصل في المجتمع الاستخباري في السنوات الاخيرة في الحرب ضد الارهاب الداعشي المجرم، واندكاك المواطنين في رصد وايصال المعلومة واعتباره واجب وطني وشرعي، وكما يحصل في السوشيال ميديا في الاسناد والتواصل والحد من الشائعات تطوعا دون توجيه رسمي، لان الشعب العراقي اعتبر ان الحرب على الارهاب حربه وليس حرب الدولة فقط.
ان التدريب المتواصل واعادة التاهيل وترسيخ المعرفة في ان الجيش هو جيش الشعب وولائه للوطن والشعب ويلتزم بمهامه الدستورية والحدود القانونية وتطوير مناهج التدريب في التعريف بالحقوق الدستورية للشعب واحترام كرامته وحماية حقوقه ناهيكم عن مهامه القانونية والدستورية هو المدخل الرئيسي لحيازة ونيل ثقة الشعب ومحبته واحترامه ودعمه واسناده بل حماية القوات المسلحة،فقط نحتاج الى تفكير كدولة لا غير،كما ان محاسبة من ينتهك بمعرفة وبغير معرفة حقوق الشعب وابلاغ الشعب بذلك يعزز الثقة ومن اسباب ادامة الثقة وترسيخها.
اقول قد تكون هنالك اطراف سياسية ووفق اجندة خارجية او فئوية دينية كانت او شوفينية قد تريد جيش ضعيف هزيل ومترهل ويسنزف الاموال والجهود للوصول الى اهداف غير وطنية ليكون الوطن عرضة للاختراقات والانهيارات الامنية وبناء كانتونات هنا وهناك لترسيخ نفوذها غير الوطني كما ان الفساد في قطاع الامن والدفاع والتسلح والذي يمارس من قبل بعض الاطراف السياسية وعدم المساءلة والمحاسبة في الموارد المشبوهة مؤكد هو مقتل لجميع الجهود الخيرة لبناء جيش وطني متسلح بالمعرفة والاقتدار وثقة الشعب.
الدكتور علاء السيلاوي:
برأي أصبح قانون التجنيد الألزامي حتميا للأسباب التالية:
أولا: يمكن أن يعيد الشباب إلى حاضنة ألدولة ويجعلهم تحت إشرافها.
ثاتيا: يمكن من خلال مراكز التدريب قيادة شريحة واسعة من المجتمع نحو مفهوم المواطنة وحب الوطن بعدما أصبح الشباب الآن ضائع بين مفاهيم مشتتة ومتنوعة يمكن للتجنيد الألزامي أن يعمل حالة من الدمج بين تراب الوطن والجانب الوجداني للمجند.
ثاثا: ان يكون سببا للتعايش السلمي و يساعد على إعادة دمج أطياف الشعب بعد حالة الفصل والعزلة التي يعيشها المجتمع فيما بينه بل حتى القبول في الجامعات أصبح يعتمد على أساس جغرافي.
رابعا: يمكن أن يكون إيراد للدولة وذلك بتبني مفهوم البدل أي يمكن للشخص أن يدفع مبلغا ماليا لكي يؤدي فقط خدمة العلم.
خامسا: يمكن أن يساهم في بناء انسان منظم و نظامي ويقضي على حالة الضياع والميوعة التي يعاني منها أغلب شبابنا.
كما يمكن تسخير طاقات الشباب المجند لخدمة الصناعة في العراق في حالة الاستقرار الامني حيث يمكن تشغليهم في المصانع لدعم الأنتاج الوطني وتحريكه.
الاستاذ جواد العطار:
الحديث عن المؤسسة العسكرية والجيش العراقي مؤلم في جانب ومشرق في جانب آخر... مؤلم حينما كان ارتباطه بالنظام الديكتاتوري واداته في قمع الشعب الثائر ضد الظلم بالانتفاضة الشعبانية وفي آب من عام ١٩٩٦ في عمليات التدخل بشمال العراق والتدخل بالصراع بين الحزبين الكرديين، ودفاع بعض قياداته عن النظام حتى بعد زواله.
لكن هذا الجيش تحول الى جانب مشرق في صراعه مع الارهاب ومحطاته؛ القاعدة وداعش؛ رغم ما اعترى هذه المرحلة من انتكاسات تحتاج الى قراءة مستقبل هذه المؤسسة العريقة.
فالجيش العراقي الذي مر بمرحلتين: مرحلة الجيوش التقليدية القائمة على التجنيد الالزامي، ومرحلة الاحتراف القائم على التطوع الاختياري.. لم تنجح لعدة اسباب اهمها:
اولا- ارتباط هذه المؤسسة بالبعث في مرحلة النظام الشمولي.
ثانيا- تدخل العامل الخارجي (الامريكي) في تأسيس الجيش وتكوينه وتدريبه في مرحلة العراق الجديد.
لذا فان جيشا وطنيا يخدم اهداف العراق الديمقراطي الجديد يجب ان يكون..
1/ مستقلا عن التدخلات السياسية.
2/ يحمل عقيدة الولاء للوطن دون غيره من الولاءات الفرعية والنعرات الطائفية والعشائرية.
3/ اعادة هيكلة المؤسسة العسكرية على مباديء جديدة واسس مغايرة وعقيدة بعيدة عن التجارب السابقة.
فالعراق بحاجة الى جيش مستقل بعيد عن الساسة والسياسيين وتدخلاتهم مهما كانت صغيرة ، جيش عماده جيل جديد يجمع بين التقليدية والاحتراف والحفاظ على الدستور والمؤسسات الديمقراطية القائمة وقيم المواطنة والمساواة في التعامل مع جميع ابناءه دون تمييز.
الاستاذ ايهاب النواب:
اولاً وقبل اي شي علينا أن نعلم ان اطار الدولة وشكلها قد تغير وبالتالي فأن بناء المؤسسة العسكرية يجب أن ينطلق او يتلائم والوضع الجديد .. بعبارة أخرى يجب ان نغادر الافكار القديمة في الاعداد والبناء لان المرحلة تتطلب ذلك .. وللتوضيح اكثر ان طبيعة العلاقات والاهداف والبناء تختلف في بناء اي جيش عندما يكون في دولة تعددية ديمقراطية عن اخرى شمولية مركزية.
الاستاذ خالد الثرواني:
تبحث الاوساط السياسية والثقافية والاعلامية في خيارات العراق بعد طرد تنظيم داعش من اخر مناطق البلاد، وعقدت عدد من المؤتمرات في هذا السياق لمناقشة تلك الخيارات، لكن لا أحد سلط الضوء على كيفية بناء المؤسسة العسكرية وتطويرها بعد عامين من القتال المستمر والانهاك الكبير وخروجها من نكسة صادمة!.
بدأ الارهاب والجماعات المسلحة الذين استفادوا جميعا من الاسلحة والاعتدة وكفاءات الجيش العراقي الذي سرحته الولايات المتحدة، بدأ في تهديد الحياة العراقية بصورة لم ير مثلها المواطن العراقي من وحشية مفرطة، جعلته يقع فريسة سهلة لهذه العصابات في ظل جيش ضعيف لا يقوى على حماية افراده آنذاك، ورغم الخطط الامنية التي اطلقتها حكومة الجعفري في بغداد لم يكن هناك تغيير في مستوى العمليات الارهابية والاجرامية اليومية، الا انه بعد عام 2008 بدأ الجيش العراقي ينفذ عمليات تعرض على اوكار الارهاب في الازقة المظلمة بسابقة هي الاولى بتأريخه ليبقى مستمرا بعمله الشرطوي الى اليوم.
شرطنة المؤسسة العسكرية وعسكرة الشرطة هو ما تريده الكثير من الاطراف السياسية وتعمل عليه بكل وسعها، وعلى مدى كل هذه السنوات الماضية وقفت امام تسليح الجيش العراقي وتطويره، فقامت بفرض ضباط لم يكملوا الدراسة الاعدادية واعطت له رتب كبيرة ليقودوا فرق والوية وهم لا يجيدون حتى حمل عصا التبختر، الادهى من ذلك يبقى برئاسة اركان الجيش شخص غير مؤهل لهذا المنصب لمدة احد عشر عاما كل واجبه ابقاء الجيش ضعيفا والوقوف بوجه اي صفقة عسكرية تنفيذا لرغبات وتخوف اقليم كردستان من عودة الماضي، فيما يتمسك نائب برئاسة لجنة الامن والدفاع وعضويتها لدورتين ليخرج مع كل صفحة اسلحة ويفتي بفساده وتسقيط الضباط الذين فحصوا الاسلحة في بلد المنشأ وهذا ما حصل ابان صفقة الاسلحة الروسية اوائل سنة 2012، ذات الدور اخذته وسائل الاعلام الحزبية بتسمية الجيش العراقي بـ"القوات الامنية" لإكمال ما بدئه السياسيون من شرطنة للعسكر.
لم يتوقع احد ان ينهار الجيش العراقي بليلة وصباح في الموصل وتكريت والانبار ومناطق من ديالى وكركوك وان يترك كل اسلحته والياته بأماكنها دون اي فعل وهو الذي قاتل الارهاب لسنوات! ما الذي حصل؟ واين الخلل؟ كان الفساد المستشري وما يعرف بالفضائيين والدمج وبيع المناصب في دكان مكتب القائد العام للقوات المسلحة سابقا والعمل للحزب والقومية بين اغلب الضباط كلها اسباب جعلت الجندي بلا قيادة فكان لا خيار امامه سوى ترك سلاحه لداعش او تسليمه للبيشمركة.
وما ان قويت شوكة الجيش واستطاع ان يقف على قدميه بعد اعادة الهيكلة والتدريب الذي قامت به دول الناتو ودول اخرى في التحالف الدولي، حدث تطور في عمل الجيش لكنه دق ناقوس الخطر لدى الجهات السياسية لتهرول مسرعة في ايجاد طرق وقوانين تستطيع من خلالها الحفاظ على مكتسباتها وابعاد الجيش العراقي عن اي تطلع سياسي من خلال الهائه بمشاكل داخلية مثل النزاعات العشائرية وزجه فيها وهذا ما حصل في البصرة والعمارة ليسحب من الجبهات بقرار حكومي وجعله يقوم بدور "الفريضة" في الجنوب ولا نستغرب ان كلفت فرقة عسكرية بحماية طائر الفلامينجو من الصيد الجائر في اهوار الجبايش.
في المقابل تسرع المنظومة السياسية العراقية لتقوية تشكيلات مسلحة اخرى مثل الشرطة الاتحادية التي برزت بقوة كتشكيل منافس للجيش في معارك تكريت والفلوجة والموصل بامتلاكها لدبابات وراجمات صواريخ ومنظومات اسلحة يفتقر لها الجندي العراقي احيانا، ورغم الدور المشرف والكبير الذي تقوم به الاتحادية والتضحيات الكبيرة التي تعطيها لنا الحق ان نتساءل هل يمكن ان تكون وزارة الداخلية اقوى من الدفاع؟ اليس المفروض بناء قوة امن داخلي قوية لفرض الامن وقوة للحالات الطارئة متوسطة الشدة وليس قوات عسكرية مؤللة بالدروع والدبابات؟ ام ان للحسابات الحزبية رأي اخر؟ وبعد تحرير الموصل والمناطق المغتصبة كيف تتعامل الحكومة العراقية مع ست فرق عسكرية تتبع وزارة الداخلية؟
ان خوف السياسي العراقي من الضابط القوي خشية عودة عهد الانقلابات يجعل التفكير بتقوية الجيش وجعله يمسك زمام الامور ويكون اليد الضاربة للدولة وحصنها الحصين بعيد المنال، المسؤول العراقي والسياسي اول ما يفكرون به الان هو كيف يستطيعون ان يشتتوا الزخم والقوة التي امتلكهما الجندي في السنتين السابقتين وسيبحثون عن مشاكل امنية جدية لزج العسكر فيها والعمل على زيادة قوة الاجنحة العسكرية للاحزاب.
اما انفصلت كردستان بدولة مستقلة وبرزت حكومة اغلبية سياسية في العراق بعد الانتخابات او اقصى الناخب العراقي الاطراف الحالية والتي هي بطبيعة الحال مخيرة الان بين البقاء كتشكيل عسكري او حزب سياسي وفق قانون الاحزاب الذي سيطبق بعد انتخابات 2018 والتي تقف حجر عثرة (الاحزاب السياسية) امام تسليح المؤسسة العسكرية، سيستطيع الجيش العراقي القيام من كبوبته.
اضافة الى ذلك اود ان اضيف رؤية قائد عمليات سامراء اللواء الركن ق . خ عماد الزهيري حول تطوير الجيش العراقي مستقبلاً:
وحتى يعرف الاخوة متابعي صفحتنا ان اهم مبدء يقع على عاتق صناع القرار ومتخذيه من الكابينة الحكومية والامنيه المسؤولين عن الجيش العراقي هو مبدء اعادة تنظيم الجيش واعادة النظر في (الملاك والقياس بالجانب التنظيمي والتسليح والتجهيز والتدريب والاسكان وسد النقص نتيجة الاندثار واعادة الانفتاح في كل مسارح وقواطع العمليات ولربما اعادة النظر في الغايات والاهداف والمهام والواجبات)..
وهنالك مثل مشهور عند أهل الخبرة والرأي في مجال عملنا ( ن يوم حرب يحتاج الى سنة اعادة تنظيم )، فكيف بنا ونحن نخوض حرب منذ اكثر من عشر اعوام، مع كافة اجيال التنظيمات الارهابية في كافة محافظات العراق ، ولازال ابناء الجيش العراقي يمارسون العمل القتالي والامني والشرطوي ويحمون البنى التحتية وحتى كانوا حراس ليليين وسواق لنقل الزوار ومنظفين في الكثير من المدن والاقضيه والنواحي مع اخوتهم من ابناء القوات الامنية..
وطرح القائد حلول مقترحة لحل هذه التحديات والمصاعب والمعاضل، وللارتقاء باداء ابناء الجيش العراقي من خلال النقاط الاتية:
1. تحديد عدد الفرق في الجيش بناء على متطلبات الدولة العراقية وحدودها مع ست دول وتبني التنظيم الثلاثي لكونه اقل كلفة واكثر مرونة ومناورة مع حساب عدد المحافظات وتأثيرها على الوضع السياسي والاقتصادي والاجتماعي والامني.
2. اعادة التجحفلات بما يضمن ارتباط تلك الالوية والفرق بقيادتها بجميع المستويات بارتباط اداري وعملياتي.
3. اعادة كافة معسكرات الجيش واستملاك اراضي كمعسكرات وميادين تدريب في المناطق الحدودية او ذات التأثير الاستراتيجي على مسارح وقواطع العمليات.
4. وضع جميع قيادات العمليات ومقرات الفرق في القواعد الجوية وجعلها مشترك لضمان عدم تكرار سيناريو الموصل.
5. تبني عقيد عسكرية واضحة اما دفاعية او هجوميه بناء على العقيدة السياسية للدولة وبناء على نوع التسليح والتجهيز والتدريب.
6. اعادة تاسيس كلية الضباط الاحتياط وسد النقص من رتبة ملازم الى نقيب.
7. تاسيس كلية للنواب الضباط المؤهلين وضباط الصف وتخويلهم استلام الذمم الادارية بدلا من الضباط الاداريين.
8. فتح صنف للكلاب البوليسية للعمل في التفتيش عن المتفجرات والاسلحة والاعتدة والالغام.
9. اعادة العمل بالخدمة الالزامية لسد نقص الجنود بشكل مستمر.
10. زج العنصر النسوي بجميع مفاصل الجيش.
11. اخراج كافة الجرحى والمعوقين بقرار واحد واعطائهم حقوقهم.
12. توحيد القيافه وبناء معمل خياطه ومصنع اقمشة وتجهيزات.
13. اعادة التصنيع العسكري وربطه بوزارة الدفاع.
14. بناء مجمعات سكنية داخل المعسكرات للضباط وضباط الصف.
15. تاسيس كلية مدنية جامعة ترتبط بجامعة الدفاع للدراسات العسكريه من اجل تطوير منتسبي الجيش بعلم اللغات والاختصاصات الاخرى.
وهنالك الكثير من العوامل الثانوية التي تساعدناعلى جعل الجيش العراقي، يستعيد دوره من خلال المهنية العالية المبنيه على اساس التخطيط والعلم والخبرة.
علقلت الدكتورة مهدية صالح حسن على ذلك قائلة:
رؤية صائبة تستحق الدراسة والتطبيق. اما بالنسبة إلى الفقرة رقم ١٤فهي محل نقاش لان بناء مجمعات سكنية داخل المعسكرات فان ذلك سيؤدي الى تحول الجيش عن مهامه الأساسية لكن من الممكن ان تقوم الدولة بتوزيع الأراضي السكنية على المنتسبين مع قروض ميسرة للبناء وان تاخذ الدولة بنظر الاعتبار التخطيط الحضري عند إنشاء مدن جديدة لكي لا تكون على حساب المناطق الخضراء. أما بالنسبة لاشراك المراة في القوات المسلحة فانة لابد من اخذ وضعت المرأة الاجتماعي والفسيولوجي بنظر الاعتبار وما عدا ذلك فهو جدير بالدراسة.