اقش ملتقى النبأ للحوار موضوعا بعنوان (من أين يبدأ الفساد وإلى أين ينتهي؟) خلال الفترة (25 - 29) كانون الأول 2016، شارك في الحوار مجموعة من الناشطي
ناقش ملتقى النبأ للحوار موضوعا بعنوان (من أين يبدأ الفساد وإلى أين ينتهي؟) خلال الفترة (25 - 29) كانون الأول 2016، شارك في الحوار مجموعة من الناشطين والسياسيين من بينهم (الدكتور مصطفى ناجي، الدكتور احمد الميالي، الدكتور عادل البديوي، الخبير القانوني امير الدعمي، القاضي رحيم العكيلي، الحقوقي حسن الطالقاني).
أجرى الحوار مدير الملتقى الكاتب الصحفي علي الطالقاني، وملتقى النبأ للحوار هو مجتمع يسعى إلى تحفيز المناقشات بهدف توليد الأفكار من أجل دعم المؤسسات الحكومية ومنظمات المجتمع المدني وإسداء النصح لها من خلال عدة فعاليات يقوم بها الملتقى.
لمشاهدة تقارير ملتقى النبأ للحوار http://annabaa.org/arabic/tags/5030
(محاور البحث)تتفق الآراء المعنية بالفساد على أنه بات يشكل ظاهرة عالمية، تقود العالم أجمع نحو مشكلات مستعصية، تبدأ بفقدان النظام وعدم احترام القانون ونشر أساليب الابتزاز، وإجبار الناس على دفع الرشى وانتعاش حالات الاختلاس وما شابه، لتنتهي الى نشر الفقر، فأينما تجد الفقر وتضاؤل قوة القانون سوف تجد حضورا للفساد المنظّم الذي تمارسه عصابات قد يشترك فيها أو يقودها مسؤولون في مناصب حكومية رفيعة.
بطبيعة الحال كان لابد من تجميع الجهود على المستوى العالمي للحد من ظواهر الفساد، والمشكلة أنه لا يستهدف فئة دون غيرها، فالجميع معرضون له.. الغني والفقير والقوي والضعيف، ولكن أصحاب الخبرة لديهم قدرات كبيرة وزاخرة بالتنوع لمواجهة عصابات الفساد المتنوعين بدورهم، خاصة إذا عرفنا أن هذه الظاهرة على درجة كبيرة من التعقيد، تستدعي جهودا متخصصة هائلة.
- برأيكم كيف لنا ان نفهم معنى الفساد وانواعه ومسبباته وما هي الخطوات الاستراتيجية لمكافحة الفساد؟
- هل باتت المفاهيم مثل الشفافية والحكم الرشيد والمساءلة القانونية امور تجدي نفعا حول ما يجري في العراق، والسؤال الكبير كيف نتخلص من الفساد؟
- تعليقات متعلقة بالموضوع.
القاضي رحيم العكيلي:للفساد اسباب تاريخية وقانونية وقضائية واجتماعية واقتصادية وتنظيمية وحتى دينية وتربوية، انما تظل المسؤولية عن تفشيه وترسخه وتعاظم اثاره هي مسؤولية سياسية خالصة، النظام السياسي الحالي وحكوماته المتعاقبة رفعت شعار محاربة الفساد في كل برامجها التي منحت الثقة عليها لكنها كانت تتوافق على الفساد في الخفاء وعلى محاربة الفساد في العلن لتخادع الشعب والتاريخ.
ورغم بان هناك من يحاول تخفيف حقيقة الخسارة التي لحقت بالعراق بسبب الفساد حينما ينكر تقدير خسائره بسبب الفساد بانها الف مليار لان حقيقة خسائر العراق بسبب الفساد اعظم من هذا الرقم بكثير ورغم ان بعض المتورطين بالفساد او المدافعين عن المتورطين به ينكرون ذلك لكن الحقائق كالشمس لا تخفى بغربال.
وانا كغيري من غالبية العراقيين- فيما ارجح- فقدنا الثقة بالنظام السياسي وفقدنا الامل في اصلاحه وفي امكانية مكافحة الفساد في ظله لأنه نظام يقوم على الفساد ويتغذى بالفساد ويحمي الفساد ويحتمي بالفساد. وانا كغيري من غالبية العراقيين مللنا الحديث عن الفساد وعن اثار الفساد وانتشاره وصدعت رؤوسنا قصص الفاسدين والمتورطين والاموال المنهوبة.
لن يجدينا نفعا في مواجهة معضلة الفساد فينا الا حلول واقعية جادة وهي معروفة وبسيطة انما لن يكون ممكنا تبنيها وتنفيذها بشكل ناجع الا بوجود ارادة سياسية نزيهة وشفافة تخضع للمساءلة من اعلام نزيه وشجاع مستقل وشعب واع، وهذا شرط اشعر بالاسى من مجرد التفكير به لان الارادة السياسية عندنا رثة و فاسدة حد التعفن والشعب غائب مغيب والاعلام مشترى بأبخس الاثمان وشريك في الفساد والافساد الا ما رحم ربي.
لو نهضت لدينا ارادة سياسية نزيه تتبنى الشفافية وتخضع لمساءلة شعب واع واعلام شجاع نزيه مستقل فان الحلول والاليات التطبيقية معروفة تضمنتها اتفاقية الامم المتحدة لمكافحة الفساد التي صادق عليها العراق منذ اب ٢٠٠٧ وما اسهل العمل بها.
لكنه لم يخطو خطوات واقعية في تنفيذ التزاماته بموجب الاتفاقية فظل التصديق حبر على اوراق الفاسدين والسراق.. العنصرين الاهم في منع الفساد ومكافحته هما : شفافية، مساءلة، انما تظل الشفافية الحكومية والقضائية هي الخطوة الاولى والاهم نحو النزاهة والمساءلة فلا نزاهة بلا شفافية ولا مساءلة بلا شفافية وبالتالي لا مكافحة فساد بلا شفافية.
وحيث ان دولتنا العتيدة تتبنى السرية كدين وعقيدة مقدسة وتعمل خلف اسوار امنية وبيروقراطية متينة وفي ابراج عاجية عالية ولا احد يدري ماذا يجري بداخلها وكيف تتصرف بأموال الشعب واصوله وحيث ان النظام العدلي والقضائي مثل صندوق اسود يعجز حتى اهله عن معرفة ماذا يجري بداخله ضمانا لاستمرار الفاسدين والاميين والانتهازيين وضمانا لاستمرار استخدامه للتآمر واللعب على ادوات القانون والعدالة وحيث انه عاجز ومتخاذل ومجامل على حساب العدل والقانون فكان من اهم اسباب تعطيل المساءلة وبالتالي ضياع اي جهود ضد الفاسدين وتشجيعهم على سرقات اعظم وتحفيز سواهم على الاسراع في حفلة النهب المنظم للشعب المغيب.
ومع سلطة تشريعية عاجزة عن وضع نص واحد يخدم قضايا الشعب وهمها الوحيد هو ان تكون شريك في غائم الفساد لاعمل لها سوى الفساد وافساد السلطتين التنفيذية والقضائية وحماية الفاسدين فيها او ابتزازهم باسم مكافحة الفساد ( واحيل من ينكر علي ذلك الى تصريح النائب مشعان الجبوري الشهير الذي حمل الحقيقة بيضاء مثل شمس الظهيرة).
ويهمني ان اضرب مثالا واحد في الشفافية واثرها في منع الفساد ومكافحته هو ان الكثير من دول الغرب الكافر توجب على مؤسساتها الرسمية نشر الوثائق المالية ليعرف الشعب والاعلام والمهتمين كل درهم كيف صرف ولمن صرف وعلى ماذا ولماذا وماذا انتج حتى رواتب المسؤولين التنفيذيين ومصاريف وقود سياراتهم وأيفاداتهم.
اما شفافيتنا فأننا اقترحنا عام ٢٠١١ على الامانة العامة لمجلس الوزراء بعد تفاقم حالات بيع والتلاعب بعقارات الدولة ومشاريعها الصناعية والزراعية ان نلزم جميع الوزارات والهيئات والجهات الرسمية بنشر اي تصرف او بيع او هبة او ايجار لعقارات ومشاريع الدولة على موقع الجهة المتصرفة مع ذكر اوصاف العقار او المشروع المتصرف به وسعره ولمن نقلت ملكيته او اجر وطريقة التصرف واسبابه، لإيقاف استيلاء كبار المتنفذين على عقارات الدولة واصولها الا انهم رفضوا ذلك ولا احتاج ان اذكر السبب فهو معروف.
ولو فتح هذا الملف لوحده فأتوقع بان تصل عائدات الفاسدين على حساب المال العام من اصول ومشاريع الدولة ما يزيد على حجم ما دخل ميزانية العراق من اموال النفط.
الدكتور مصطفى ناجي:منذ عام 2007 والى هذا الوقت بقيت مؤشرات الفساد في العراق تراوح مكانها في أسفل الترتيب حيث تزدحم القائمة بدول فاشلة ومفككة، ولم تنفع كل الإجراءات المتخذة ليس لمكافحة الفساد على اعتبار انها عملية مستحيلة بل كانت تأمل بتطويقه، فلا تشكيل هيأة النزاهة، ولا مكاتب المفتشين العموميين، ولا ديوان الرقابة، ولاحزمة القوانين والتشريعات، ولا حتى الاتفاقيات الدولية المعنية التي انظم لها العراق قللت من خطر الفساد.
وعلى مدى السنوات السابقة بقيت الحكومة تُمارس نفس السياسات التي اثبتت عدم جدواها في مكافحة الفساد، بينما الأخير تطور وتحول وتكيِّف واصبح (قيمة اجتماعية مقبولة )وهذه هي احد اخطر مراحل الفساد. اذ تمدد وانتشر واستفحل في جميع قطاعات الدولة واصبح من الصعب وجود مفصل اداري لم تصله يد الفساد. سنطرح بعض الحلول المستمدة من تجارب عالمية اثبتت نجاحها في المداخلات اللاحقة.
حيث فاز ساكاشفيلي الشاب رئيساً لجورجيا، لم يمهل الفاسدين في بلده سوى شهراً واحداً، ولأنه ابن جورجيا وعرف مكامن الخلل فيها، فقد ابتداء بحصة الأسد في عملية الحرب على الفساد (جهاز الشرطة) اذ أعلن في بيان رقم (1) طرد 50 الف شرطي من جهاز الداخلية، ولم يكترث لتحذيرات السفير الامريكي بأنها خطوة (مستعجلة) وأعلن في جورجيا عن فتح باب التوظيف للشباب في الشرطة ومن كلا الجنسين، شهر واحد وبعد سلسلة مقابلات تم قبول 30 الف شرطي وشرطية.
وكان خطوة ذكية من ساكاشفيلي ان استبدل الزِّي القديم للشرطة (يرجع الى الحقبة الشيوعية) بزي جديد بناء على مشورة رفيقه في الجامعة. لم يصدق المواطنون صباح اول يوم لنزول الشرطة (الجديدة ) في شوارع العاصمة، وعند رصد اول مخالفة مرور استوقف شرطي سيدة تقود سيارتها اخرجت السيدة (رشوا)كي تدفعها للشرطي الذي رفض بابتسامة تعجبت منها المواطنة: انه عهد جديد بلا رشوا.
استبدل ساكاشفيلي جدران مراكز الشرطة الحجرية بأخرى من الزجاج كي يعطي انطباع للمواطن بأننا لا نخفي شيء ولا يتم تعذيب الموقوفين قبل ساكاشفيلي كانت جورجيا تقبع في المركز 156 للفساد، بعد ثلاثة اعوام قفزت الى المركز 53 في التصنيف العالمي، ولذلك لمن يريد ان يكافح الفساد في العراق يتطلب عدة أمور:
1- قيادة نزيهة.
2- مصداقية وجراءة في أساليب الحرب على الفساد.
3- مجتمع مستعد للتعاطي مع تجربة المكافحة.
الدكتور احمد الميالي:مبارزة الفساد وتحقيق الاصلاح ليس اختصاص شخص أو مسؤول لوحده، مهما علا شأنه وكبرت قدراته، بل هي مسؤولية جماعية تتطلب تناغم الادوار وتكاملها بين مؤسسات الدولة وأجهزة الرقابة، تحت مظلة القرار السياسي برفع الغطاء عن الفاسدين.
الفساد ليس مرضاً ألمّ بالنظام، بل هو النظام عينه الفساد ليس شبحاً أو منظمة سرية. أكثر من ٣٠مليون أصبع تشير إليه ويحتاج الأمر إلى شجاعة أن تدخل هذه الأصابع دفعة واحدة في عينه. لكن للأسف يبدو في حالة العراق الشيء الوحيد الجدي في معركة الفساد هو سماع بيان رقم واحد في فجر أحد الأيام، وغير ذلك هو ترف لا لزوم له.
الدكتور عادل البديوي:الفساد منظومة كاملة لا تتعلق بمجال او قطاع دون اخر، بل هي مشتملة على جميع مفاصل الدولة، يمارسها الفرد كما تمارسها المجموعة، وهذا نتاج لتراكم عدم الاستقرار السياسي وكثرة الحروب التي خاضها العراق ويخوضها.
معنى ذلك ان الفساد اصبح احد اسس النظام العام ولا احد يمتلك القدرة على اصلاحه دفعة واحدة، بل يحتاج الى العمل التدريجي في التغيير ضمن رؤية واستراتيجية قصيرة ومتوسطة وبعيدة المدى لها القدرة والإمكانية للتعامل مع هكذا اخطار تغلغلت في بنى الدولة والمجتمع.
نحن نحتاج الى إصلاح سياسي ليقود إصلاح قانوني ليقود بدوره إصلاح اداري وليفتح الأفق لإصلاح اقتصادي، تتراكم كمدخلات لإصلاح اجتماعي.
الخبير القانوني امير الدعمي:حتى نكون منصفين وبعيداً عن المثالية الفساد يبدأ من المواطن البسيط والموظف الصغير الى رأس الهرم وبدون استثناء والسبب كل السبب الروتين والتعقيدات الوظيفية ومن قبل ذلك البيئة التي نعيشها اليوم لكن بتصوري ان السبب الرئيسي هو الروتين القاتل الذي تنتهجه الحكومة في حلقات زائدة اعتقد اننا اليوم الى ثورة تطهير مجتمعي بموازاة ثورة تقليص الروتين والحلقات الزائدة في الدوائر وتشجيع المواطن على الانتصار على نفسه في مبدأ الثواب والعقاب وللعلم اليوم العراق من اول البلدان في الفساد الوظيفي والرشوة والتعقيدات الروتينية.
سؤال لطالما ارقني اتمنى ان القى جوابه من النخبة الموجودة في هذا الملتقى واتمنى ان يدور فيه حوار السؤال هو ما هي السياسة الداخلية والخارجية للعراق ومن يدير بوصلتها الحكومة ام احزاب السلطة هل نحن دولة قانون ومؤسسات ام نفوذ وقوة احزاب؟
الحقوقي حسن الطالقاني:من أسباب الفساد هو المحاصصة الموجود في الحكومة ولو ذهبنا إلى حكومة أغلبية سياسية وتكون معارضة سنصل إلى معارضة جيدة ومحاسبة المفسدين ستجدي نفعا ثانيا اليوم المجتمع هو الذي يدفع باتجاه الفساد والمجتمع سبب ثاني وهو انتخاب الفاسد ولو كانت الحكومة والقضاء جادين بهذا الموضوع ومحاسبة شخص واحد من كل دائرة ويكون عبرة للآخرين لوصلنا إلى حلول جيدة لكن المشكلة العلاج هو هذا الشخص تابع لحزبي.