رياح من الامال تهب على الشارع العراقي هذه الايام يتوقع لها ان تنعكس معنويا لتخفف من سيطرة المزاج السوداوي وحالة الاكتئاب التي لازمت العراق
رياح من الامال تهب على الشارع العراقي هذه الايام يتوقع لها ان تنعكس معنويا لتخفف من سيطرة المزاج السوداوي وحالة الاكتئاب التي لازمت العراقيين لفترة طويلة.
فالشعور السائد مفعم بالارتياح من الخطوات التي تخطوها الدولة وهي تستعيد قوتها وحضورها في الداخل وتفرض هيبتها وكرامتها في الخارج، هذا التحول الكبير يعود في جوهره الى حالة الانتصار التي تحققت بتظافر عوامل كثيرة والتي سمحت للعراق ان يؤكد قدرته على تجاوز ازماته ومحنه ،وان يعود مؤثرا في محيطه تأثيرا ايجابيا ،بعدما كان يؤثر سلبيا .
أول ثمار هذه التحولات هو القبول الاقليمي لتنامي قوة الدولة في العراق والاستعداد الواضح للتعاطي الايجابي معه ،شعورا من الجميع بأن بقاء العراق في ضعفه يشكل تهديدا كبيرا للمنطقة يخل بتوازناتها ،ويعصف بأمنها ،ويذكي تنافسا للسيطرة عليه وفرض النفوذ بما ينتج تنافرات وصراعات طائفية وقومية وحزبية تدمر توازناته الداخلية وتطيح بمعادلات الاستقرار والتعايش المحلي فامن الاقليم مرتبط بامن العراق ،واستقراره ونموه رهين استقرار العراق وعودته فاعلا ومؤثرا في محيطه الاقليمي.
معادلة القوة والتوازن هذه تنشأ من الداخل لا من الخارج فكلما قويت قاعدة الاستقرار السياسي وتجاوزت الدولة العراقية هشاشتها الداخلية ،كلما تراجعت مشاريع الصراع والنفوذ والتنافس السلبي وتحول المناخ السياسي في المنطقة الى مناخ ايجابي وبناء ربما كانت نظرية رئيس الوزراء العراقي السابق نوري السعيد صحيحة في كثير من جوانبها عندما اعتمد سياسة تحويل الضعف الجغرافي العراقي الى قوة بجمع الجيران وكبار الفاعلين الدوليين المتنافسين على العراق في مشروع امني واقتصادي وسياسي واحد ،يكسب منه الجميع ،وفي ذات الوقت يتجنب العراق ضغوطهم واثار تنافساتهم وصراعاتهم وامتداداتهم على جبهته االداخلية.
فمادام جيران العراق خائفين منه وعليه ويحاذرون من اضطرابه الداخلي وفشل نظامه السياسي وتراجعه الاقتصادي ومادامت الدول الكبرى والنافذة تحسب لخطورة الصراعات والنزاعات في داخل العراق وعليه ولاتريده ساحة لنفوذ هذه الدولة او تلك فان العراق محكوم باستثمار هذه العوامل وتوظيفها داخليا وخارجيا ،بالسير في طريق بناء الدولة الدستورية الحديثة وبتقوية مؤسساتها حتى ننتهي من صيغة الرابحين والخاسرين (شيعة- سنة) ومن صيغة تحالف المظلومين (شيعة- كرد) بصيغة دولة المواطنة ذات النظام الفدرالي والاقاليم ذات الادارة المحلية الخاضعة لسلطة الدستور والشروع بتنمية سياسية وثقافية واقتصادية ،يلمس المجتمع نتائجها ،وتنعكس ايجابيا في وعي المجتمع السياسي لتكون الدولة وترصينها وبنائها غايته لا المصالح القومية والطائفية والمكوناتية رافعته الى عالم السلطة والمال والجاه.
ماقطعه العراق من خطوات واعدة في السنتين الاخيرتين وماتمخض عنها من نتائج ستكون تراكماتها منطلقا لعراق جديد خارج من سنوات الرماد، ومايحتاجه في هذه المرحلة الجديدة هو تلاحم اضافي ودعم غير مشروط للمنهجية الهادئة وسياسة منع التازيم بمنع مسبباته الطائفية والقومية وستكون هذه الخطوات في حال عدم تراجعها او ابطائها او تعطيلها سبيل العراقيين لتجاوز مشاريع التقسيم والتفتيت وضغوط الاكراه لتعديل السلوك السياسي للحكومة والتي بدات من الان بتوجيه الاتهامات على خلفية التوتر الامريكي الايراني ،رئيس الحكومة بحاجة الى دعم داخلي قوي للحفاظ على سياسة التوازن بين المتصارعين والمتنافسين في المنطقة واثارها السلبية على العراق.