twitter share facebook share 2017-09-18 1731
في ذلك اليوم 18/9/ 2014 حبس مواطنو وسكان المملكة المتحدة ودول العالم أجمع أنفاسهم بانتظار نتائج استفتاء الأسكوتلنديين على انفصال إسكتلندا عن ال

في ذلك اليوم 18/9/ 2014 حبس مواطنو وسكان المملكة المتحدة ودول العالم أجمع أنفاسهم بانتظار نتائج استفتاء الأسكوتلنديين على انفصال إسكتلندا عن التاج البريطاني الذي نُصّبَ على أربعة أقاليم، إسكوتلندا وإنكلترا وويلز وآيرلندا الشمالية،حيث انبرى جيل معاصر يحرّكه خيالٌ بالأسود والأبيض عمره 300 سنة منذ غزو واحتلال إسكتلندا من قبل الملك أدوارد ملك إنجلترا عام 1276، وانضمامها إلى المملكة عام 1707 حتّى يومنا هذا. هذا الجيل يريد أنْ يثأر لأجداد أجداده الذين أخفقوا في ترسيخ إسكتلندا دولة مستقلة،لكنه ثأرٌ مختلفٌ عن وسائل أجدادهم بجزّ الأعناق وعربدة الخيول ولمعان السيوفِ "لأنّها لَمَعتْ كبارِقِ ثَغرِكِ المُتَبَسّمِ!" والانفصال بالقوة أو الانضمام بالسياط، بل بالحكمة والديمقراطية والحوار واحترام آراء الناس جميعها،جدل لم ينقطع بين الإسكتلنديين الرافضين والإسكتلنديين الموافقين على فصل الخمسة ملايين "إسكتلندي" عن خمسة وستين مليون مواطن بريطاني، مبررات شتى من الطرفين داخل الإقليم: نعم للانفصال لنشعر باستقلالنا.لا للانفصال كي لا نكون دولة صغيرة في عالم التحالفات الكبيرة. نعم للانفصال كي نضمن خدمات ورعاية أكثر وثروة وطنية. لا للانفصال فنحن قلة لكننا جزء من شعب كبير نشاركه ضرائبه وثرواته، نعم للانفصال لسيادة كاملة واستقلال في القرار السياسي لا للانفصال لأنّنا أصلاً مُمَثلون بشكل جيد في البرلمان ولدينا قدر كبير من التحكم في شؤون الحكم اليومية داخل حدود إقليمنا، منطق ضدّ منطق وتفاصيل أكثر غنية شاملة ممتع ومفيد الاستماع إليها وكأنك تطلع على محاضرات يومية ثرية من الحديث في التاريخ إلى الهوية وفهم الدولة إلى الاقتصاد إلى التنميتين العمرانية والبشرية إلى المستقبل، وحين أشارت نتائج الاستفتاء النهائية إلى أن 55,3% من سكان إسكتلندا رفضوا الانفصال بينما صوت 44,7% لصالحه، هدأ نبض العالم،وبدأت رسائل الإقرار بالنتائج وتحيّة الجميع، وبدا المنتصرون والحكومة المركزية بطمأنة الذين لم يفلحوا بالانفصال واحترام خيارهم وإعلاء شأنه، والتعهد بمنحهم استقلالاً اقتصادياً نسبياً وامتيازات أخرى،وتبادل التحايا كلّ من اليكس سالموند الوزير الأوّل في إسكتلندا المحبط مع زعيم رفض الانفصال الإسكتلندي أيضاً ألستير دارلنغ، هدأ كلّ شيء وعادت الحياة إلى حركة التجارة والاقتصاد والبورصات في العالم بسلام بمنتهى السلام، الأهم من ذلك كلّه ما هي الإجراءات الاستباقية التي كان الطرفان يعدانها فيما لو حدث الانفصال؟ بالطبع ليس مؤتمرات للشتائم والتهم والتصفيات والتهديد والتحالفات الخارجية المشبوهة، بل كان شيئاً مثيراً فعلاً: لقد شكلوا لجاناً مشتركة من الخبراء يمثلون الحكومتين حكومة الإقليم المحلية الحالية والحكومة البريطانية تبحث منذ زمن سَبَقَ الاستفتاء بكثير كلّ صغيرة وكبيرة وتنجز القوانين والبروتوكولات وضبط العلاقات بين بلدين مستقلين على صعيد العملة والديون والموقف الدولي والانضمام إلى الاتّحاد الأوربي والتجارة والتسليح وحركة الملاحة والأقمار الصناعية والتحالفات وضمان الأمن والحدود والإصلاحات والمساعدات وجوازات السفر وشروط الإقامة والقوة النووية، لاسيّما وأن غلاسكو عاصمة إقليم إسكوتلندا تضم الرادع النووي البريطاني، على اية حال بحثوا ورتبوا كلّ شيء بحيث لو حصل وفاز الموافقون في الاستفتاء سيجد المجتمع الدولي دولتين محترفتين جارتين منظّمتين مستعدتين لمواجهة آية تحديات داخلية وكونية،وفي حال لم يتم الانفصال توضع هذه الملفات الضخمة الشاملة الدقيقة المدققة على الرفوف.

 

التعليقات