اثار استفتاء كردستان جملة من القضايا الدستورية والسياسية التي جعلت العديد من دول العالم تهتم بشكل كبير بهذا الموضوع وتداعياته... ولكي نجيب ع
اثار استفتاء كردستان جملة من القضايا الدستورية والسياسية التي جعلت العديد من دول العالم تهتم بشكل كبير بهذا الموضوع وتداعياته... ولكي نجيب على المحاور المطروحة نحتاج العودة اولا الى الدستور العراقي الذي يعد بحد ذاته مشكلة.
اولا- الدستور لم يتطرق لموضوع الاستفتاء للانفصال ابدا والسكوت عنه لايعني قبوله او رفضه، وفي المقابل تطرق الدستور الى الاستفتاء في الحالات التالية استفتاء للمحافظات التي تريد الانتظام باقليم واستفتاء للمناطق المتنازع عليها ومحددة بفترة زمنية لغاية 2007 واستفناء لاقرار الدستور.
ثانيا- المادة الاولى من الدستور بينت ان العراق دولة اتحادية واحدة مستقلة وهنا نقول ان هنالك نوعين من الاتحاد فدرالي وكونفدرالي والدستور لم يحدد نوع الاتحاد. اضافة لذلك ان الدولة الواحدة astate-one state هي غير الدولة الموحدة united state . فالدولة تبقى واحدة سواء كانت بسيطة ام مركبة، فدرالية ام كونفدرالية. هذه بالذات معضلتنا بدستورنا المتماهي غير الواضح.
اما بالنسبة للمصالح الامريكية.. فهنا نقول انها لن تتأثر حيث المتتبع للسياسة الخارجية الامريكية الثابت والمتغير بها، يلاحظ ان امريكا تتبع كل الوسائل التي قد تبدو متناقضة لغير المتخصصين ولكنها في الواقع تعتمد أليات متعددة ومعقدة ومركبة للوصول الى اهدافها بعيدة المدى ولو حللنا مضمون التصريحات الامريكية لوجدناها تركز على عدم شرعية الاستفتاء وكلنا يعلم ان الشرعية غير المشروعية.
فالشرعية هي الرضا اما المشروعية فهي الابعاد القانونية والدستورية.. اي ان الاكراد لم يحصلوا على الرضا الامريكي لان الامريكان اعتبروه سابق لاوانه ويشتت تركيزهم وجهدهم في محاربة داعش وعليه صرح (رالف بيتر) نائب رئيس الاركان للاستخبارات الامريكية بدراسته المنشور بالمجلة العسكرية الامريكية المتخصصة بعنوان (حدود الدم نحو نظرةافضل للشرق الاوسط) قال ان العراق دولة تشبه شبح فرانكنشناين دولة مكومة من اجزاء يصعب دمجها وان رفض ديمقراطيات العالم مناصرة استقلال الاكراد يعد خطيئة ضد حقوق الانسان اكبر بكثير من تلك الاخطاء التي تثيرها وسائل الاعلام لدينا بشكل متكرر وللعلم فأن كردستان حرة تمتد من ديار بكر حتى تبريز ستكون اكثر الدول المؤيدة للغرب في المنطقة الواقعة بين بلغاريا واليابان لذا لانتوقع حصول اي مساس بمصالح امريكا في المنطقة.
اما بالنسبة للمحور التركي وهل هو موثوق لتعامله مع المركز نقول ان تركيا تجيد دائما لعبة التكتيكات المتعددة وعليه فهي تخشى من الارتدادات السلبية على الملف الكردي في الداخل التركي ً.. اما عن علاقتها بالمركز فهنا لابد من استحضار الخطابات الاخيرة لاوردغان حيث اعاد للخطاب السياسي اتفاقية لوزان 1923 مع بريطانيا وحقوقهم في الموصل وكركوك.
وعليه يجب توخي الحذر من اعتماد حكومة بغداد على الدعم التركي لئلا يتم ابتلاع الموصل وتطويع تركمان كركوك لصالحها بحيث يصبحوا جيوب صعب التعامل معها وبخصوص قرارات المركز هل ستولد صراع كردي كردي اعتقد الموضوع مبالغ فيه حيث علينا ان لانثق بالحزب الاسلامي الكردي وتبعيته لقطر ورفضه الخجول للاستفتاء او بحركة التغيير وغيرها فالكل مؤمن بأحقية الكرد بدولة مستقلة وهذا حلم قومي يضرب جذوره بتاريخ كل الحركات الكردية عموما.
ولكن ممكن ان تثار نزعات استياء بسبب الحصار ليس الا والمحور الاخير هل سياسة العبادي تتناسب مع الاطر الديمقراطية ام لا؟ يبدو لي ان السيد العبادي استطاع الى حد معقول جدا بأدارة الازمة بنجاح ولكنه والبرلمان قد تعسفوا باستخدام حقهم في التعامل مع الموضوع لان الخلل يكمن بالدستور اساسا اضافة الى عدم اخذهم القرارت والمعاهدات الدولية بنظر الاعتبار مثل ميثاق الامم المتحدة المادة(55) والمادة اولا فقرة (2) والعهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية المادة اولا فقرة (1) وقرار الامم المتحدة رقم (1514) لسنة 1960 وفيه استبدل مصطلح مبدا تقريرprincipel الى حق تقرير المصير droit.كل ماتقدم يدفعنا للقول ان موضوع القضية الكردية مركب ومعقد وتحكمه متغيرات داخلية واقليمية ودولية متعددة لذا فهو يحتاج الى المفاوض الصعب المراس من اجل الحفاظ على وحدة بلدنا وحمايته من خطر الانقسام والحروب الاهلية.
*عبد الهادي موحان.. عضو مجلس النواب وعضو في ملتقى النبأ للحوار