خارج المألوف العراقي طبعا سيما في العقود الاخيرة اذ تطبعت الشخصية العراقية بسبب عوامل كثيرة أهمها الحروب الداخلية والخارجية والحصار والتخ
خارج المألوف العراقي طبعا سيما في العقود الاخيرة اذ تطبعت الشخصية العراقية بسبب عوامل كثيرة أهمها الحروب الداخلية والخارجية والحصار والتخلف المبرمج والاعدامات والسجون والتهجير والاصطفافات ومختلف الصراعات تبلورت إثر ذلك كله ثقافة مجتمعية مألوفها (حار بحار) (كل واحد طينته بگصته) (أخو أخيته) (زلمة وهيبه) (لو بيهم زود يلاگونا) (من تهتز الشوارب) (صگاركم) (مستفيد) (حواسم) (عليهم عليهم) .. الخ .
وقد تأثر هذا الجيل والذي قبله بشكل كبير بالنموذج الصاخب من السلطة والمتسلط من الحكام ليتناغم وفق نزعات النفس التي ترسخت بسبب الظروف فوق العادة فلا يستهوي الهاديء ولا يستمريء المتعقل الحكمة عنده خنوع والتدبير تردد والصراخ عنده صلابة والتهديد والوعيد شجاعة كل هذا تم تتويجه في نيسان 2003 بانفتاح مهول قائم على انهيار ما تبقى من الدولة العراقية متزامنا بثورة المعلومات والاتصالات دون رقيب أو حسيب.
من هنا كان اختيار الدكتور العبادي رئيسا للحكومة في 2014 أمراً غير مستساغ طبقا لهذا النمط من الثقافة وبالتالي هو اختيار خارج المألوف الا عند مجموعة لا تتجاوز عدد الاصابع وقد جُوبِهَ الرجل بشتى أنواع الأوصاف وكأنه جسم غريب على النمطية المجتمعية السائدة في هذا الصدد ولا شك انه يدرك ذلك كله والغريب انه لم يستعجل على تصحيح هذه النظرة ولم يستغرق في الدفاع عن نفسه نظريا واعلاميا فالمألوف هو الرد والدفاع بل الاستماتة في الدفاع ورد التهم وتوالي البيانات انه لا يعبه بكل ما يُقال ويُثار وهذه نقطة الانطلاق الصحيحة.
- المألوف في العراق أن الحاكم هو رجل السلطة بينما تصرف العبادي كرجل دولة والسلطة اداة لبناء الدولة.
- المألوف أن يتصدى حماية الحاكم في العراق لكل من يسيء له بقول أو فعل بينما رئيس الوزراء تعامل مع هذه الحالات بالحسنى أوالتغاضي
- المألوف هو السجن والاعتقال وفض الاعتصامات والتظاهرات غير المرخصة ضد الحكومة في حين عمل العبادي على استيعابهم وتوفير الحماية لهم وأخذ المطالب بنظر الاعتبار والعمل عليها كما حصل في حزمة الاصلاحات التي أطلقها.
- تعرض الرجل لانواع الضغوطات من الداخل والخارج حول الحشد الشعبي والمعطيات كانت تشير الى التضاد والتصادم والتعارض لكن ما حصل هو الدعم والتشذيب واسناد القوات العسكرية ومشاركتها بفضل رؤية رجل الدولة المقدمة على رؤية رجل السلطة.
- لم يرتم بأحضان العرب قومياً ولا بأحضان ايران مذهبياً وحافظ على توازن العلاقة بينهما كرافدين يصبان في مصلحة العراق وكذا الحال بالنسبة لدول التحالف والدول الكبرى.
- عادة ما يكتفي القائد العسكري في دولنا من الرتب المتوسطة فضلا عن العليا بالمتابعة من خلال سؤال بعض المحيطين به بينما يتابع الدكتور العبادي وهو القائد العام للقوات المسلحة كل الصنوف وبأدق التفاصيل بنفسه ولا يكتفي بما يقوله كبار الضباط الأمر الذي انعكس ايجابيا على أداء القوات العسكرية.
- لا يركن للمديح ولا يستجيب للتحريض وبهذا تجنب الانفعال والارتجالية من اتخاذ القرار.
- لم يكرس انجازاته انتخابياً ولم ينتهز الأزمات ليجيرها للمجد الشخصي يحسب كل الحسابات في تجنب اراقة الدماء وتفضيل الحلول الناعمة وملف كركوك مثالاً يُحتذى به وحقوق السياسة المحنكة محفوظة للسيد العبادي حصرا.
- رغم انه استلم العراق ينوء تحت وطأة الارهاب وداعش تحوم حول بغداد الا أنه لم يطلب اعلان حالة الطواريء على خلاف المألوف بل اتخذ قراراً برفع الحضر عن بغداد ليلاً كما كان معمول به منذ 2003 ورفع أغلب السيطرات التي تكتظ بها شوارع بغداد.
- بالرغم من البيئة السياسية والأمنية المتقلبة وغير المستقرة في العراق الا أنه تعامل مع الأحداث وفق تفكير ورؤية استراتيجية تؤول الى البناء أو التأسيس لبناء طويل الأمد في التعاطي مع الأحداث وانعكاساتها المستقبلية على البلد ولم يركن الى سياسة (التفاطين) يكبح جماح العاطفة ليسود العقل انها قيادة خارج المألوف (عراقياً).