شهدت المملكة السعودية سلسلة من الاعتقالات خلال الاسبوع الماضي على يد ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان الذي اعتقل احد عشر امير سعودي و
شهدت المملكة السعودية سلسلة من الاعتقالات خلال الاسبوع الماضي على يد ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان الذي اعتقل احد عشر امير سعودي وعشرات من الوزراء السابقين وأرباب الأعمال بتهم الفساد، من ضمنهم رجل الأعمال الدولي الملياردير الأمير الوليد بن طلال المتهم بتهم غير محددة لغسل الأموال وفق ماتداولته وسائل الاعلام السعودية، ايضا اعتقل وريث عرش المملكة البالغ من العمر 32 عامًا لأبن عمه الأمير متعب بن عبد الله نجل الملك الراحل ورئيس "الحرس الوطني" السعودي.
يرى المحللين والمختصين بالشأن السعودي ربما ستكون الخطوة المقبلة هي تنحي الملك سلمان لكي يكون محمد بن سلمان بدلا عنه، حيث بينوا ان الاعتقالات الأخيرة بلا أدنى شك ذات دوافع سياسية للتخفيف من السخط الشعبي بسبب استشراء الفساد، بعد أعوام قليلة من حكم الملك سلمان، شهد فيها السعوديون تقليصًا لما تمنحهم إياه الدولة من أعطيات. ورغم أن البدلات والمكافآت أعيد صرفها هذا العام، إلا أن الشعور بأن الرشوة انتشرت كالوباء وباتت تهدد البلاد بأسرها لم يتبدد إطلاقًا.
لكن هنالك من يرى ان هذه الإصلاحات في المستقبل قد تأتي بخلاف ما يتصوره "بن سلمان"، قد تقود إلى المطالبة بالتنحّي، والاحتكام إلى رأي الشعب، والمطالبة بالحكم الديمقراطي -كما ذكرنا من قبل- بدعوى الإصلاح والتغيير السياسي الشامل، مما يقود إلى قيام احتجاجات تجتاح المملكة العربية السعودية تدعو إلى الثورة، وإلى ربيع سعودي خالص.
التنافس للوصول الى العرشاذا نظرنا إلى الوضع الداخلي السعودي، فلا بد من أن يتبادر إلى الذهن ذلك الصراع المُرتقب الذي قد ينفجر بسبب التنافس على الوصول إلى العرش. ومن ثم، يمكننا أن نحدد 3 محاور قد تؤتَى من خلالها المملكة السعودية:
المحور الأول، فهو المحور"الديني والأخلاقي"، وقد يكون المدخل لذلك عن طريق استغلال السباق نحو العرش.
وبعيداً عن الاسم الذي سوف يحظى بتأييد مراكز القوى العالمية (فالأمر لم يُحسم بعدُ)، أقول إن طبيعة السباق تحتم على الجميع تقديم التنازلات، وهذا في الغالب يُعد من مقتضيات الوصول إلى الحكم في كثير من الدول، والتنازلات ليست مادية وحسب، لا؛ بل هناك أمور أخرى (ولا ننسَ أن هناك اتهامات للمملكة تتعلق بالحقوق والحريات).
فغير مستبعد أن تكون هناك حركة تحرر كالتي شهدتها بعض الدول العربية، وذلك من خلال أمور تتعلق بحقوق المرأة، ثم العزف على وتر حرية الفكر والإبداع والانفتاح على العالم المتحضر، وذلك لفتح الباب أمام الحركات العلمانية، فكراً وممارسةً.
هذان الأمران فقط كفيلان بأن يخصما من رصيد المملكة في الجانب الأخلاقي الذي عُرِفت به على مر القرون السابقة. وإذا أردت أن تهدم دولة من الدول، فما عليك إلا أن تضرب منظومتها القيمية والأخلاقية.
أما المحور الثاني يتعلق بـ"الجانب الاقتصادي"، وعلى رأسه قانون "جاستا"، ذلك القانون الذي أقره الكونغرس الأميركي في سبتمبر/أيلول 2016، وهذا القانون يسمح لأُسَر ضحايا أحداث الحادي عشر من سبتمبر/أيلول (من قتلى ومصابين) بمقاضاة دول أجنبية في قضايا الإرهاب؛ وذلك للحصول على التعويضات المناسبة.
وقد أكد خبراء أنه لو تم تفعيل هذا القانون فسوف يكلف المملكة السعودية مبالغ طائلة قد تتجاوز الثلاثة تريليونات من الدولارات، وأقول: إن وقع ذلك، فلا مانع أبداً من أن نجد دولاً أخرى تحذو حذو الأميركان، وقد يأتي من هنا التدمير الاقتصادي.
"لنا أن نتخيل حال مجتمع ينتقل من الرفاهية إلى النقيض، مع تعرضه لزلزال فيما يخص منظومته الأخلاقية والدينية"، فلو افترضنا أن أعداء الأمة استطاعوا أن ينفذوا المحورين الأول والثاني، فهم بذلك قد نجحوا -بلا شك- في تحقيق جانب كبير من هدفهم. وفق موقع هاف بوست.
وحتى يتحقق الهدف كاملاً، فلا بد من المحور الثالث، الذي أراه يتمثل في إعطاء الضوء الأخضر لإيران؛ لكي تبدأ حربها على المملكة، وهذا ما يتوقون إليه منذ زمن بعيد، ويجب علينا ألا ننسى النفوذ الإيراني في العراق واليمن والبحرين وسوريا ولبنان، ولهم وجود قوي في الكويت وعُمان، إنها الإمبراطورية الشيعية التي تسعى إيران لإقامتها.
حدثنة الدولة الدينيةفي بداية تلك التغييرات الجذرية التي قامت بها المملكة العربية السعودية في طريقها لحدثنة الدولة الدينية، ومحاولة التجديد من بنية وفكرة الدولة الثيوقراطية التي اشتهرت بها على مدى السنوات الماضية، ومحاولتها التخلي عن تلك التابوهات الوهابية الماسكة بزمام الأمور الدينية والتشريعية في المملكة، وفي ظل تلك التطورات التي أصابت السلطة الوهابية بالضعف والتشتت، ثم فقدان تلك الحاكمية بشكل متدرج، وإفساحها إلى سلطة ليبرالية لا تخفى على أحد من كان.
مما سبق يمكن أن نقول: إن المملكة الآن تمر بحالة تغيير شامل، تغيير في المقام الأول ديني، في سعيها نحو تأسيس لحاكمية جديدة يمكن أن تكون شبه علمانية، إن لم تكن علمانية صريحة، كما يتبع هذا التغيير الديني تغيير سياسي واجتماعي في بنية الدولة القادمة، التي لا مكان فيها للتزمت والتشدد الديني، كما قال ولي عهدها، ولكن هذا التغيير من الجانب الآخر أسس لديكتاتورية جديدة لا تؤمن بالرأي والرأي الآخر، وتُلقي كل مَن يناصحها ولو بتدوينة صغيرة في السجون. وفق موقع هاف بوست.
تلك التغييرات لم تكن من دواعي الإصلاح السياسي في البلاد، ولكن جاءت من بعد ضغوط تمارَس على المملكة بدعوى التخلص من ذلك الوصف الذي ألصق باسم المملكة وصف الإرهاب، ذلك الوصف الفضفاض الذي ما برحت القوى الغربية تمسك به كسلاح ضغط على جميع الدول العربية الإسلامية، وإخضاعها للطاعة، والبداية في نهب خيرات تلك الدول.
هبوب "تسونامي" مدمربينما كان السعوديون يستعدون للخلود إلى الراحة استبشارًا بيوم جديد، أعلنت وسائل الإعلام السعودية فجأة هبوب "تسونامي" مدمر، راح ضحيته العشرات من كبار الرجال النافذين في المملكة العربية السعودية، من أمراء ووزراء ووجهاء ورجال أعمال شغلوا العالم بأسره طيلة السنوات الماضية.
"التسونامي" كان عبارة عن أوامر ملكية صادرة عن الملك سلمان بن عبد العزيز ظاهرًا في وقت يعلم كل المتابعين للشأن السعودي أن الأخير لا يدرك ما يحدث حوله وكل دواليب الدولة أصبحت في يد ابنه وولي عهده محمد بن سلمان، الذي أبى إلا أن يكتب اسمه بأحرف لا يمكن الحكم عليها في الوقت الحاليّ إن كانت من ذهب أو من دم.
ولي العهد السعودي لم ينس للأمير متعب والوليد بن طلال تعنتهما، فقرر معاقبتهما بسجنهما ونهب أموالهما والتشهير بهما بدعوى أنهما من كبار الفاسدين الذين وجب استئصالهم وتطهير الأرض من رجسهم
الأوامر الملكية التي أفزعت العالم بأسره ولم تقعده طوال أكثر من 24 ساعة كاملة، فاجأت الجميع، بعد أن تم إعلان عزل الأمير متعب بن عبد الله من وزارة الحرس الوطني وسجنه، رفقة أخيه وعدد كبير من الأمراء والوزراء السابقين ورجال أعمال يشار إليهم بالبنان على غرار الوليد بن طلال وصالح كامل وبكر بن لادن وغيرهم.
الأمر لم يتوقف عند هذا الحد، فولي العهد السعودي لم ينس للأمير متعب والوليد بن طلال تعنتهما، فقرر معاقبتهما بسجنهما ونهب أموالهما والتشهير بهما بدعوى أنهما من كبار الفاسدين الذين وجب استئصالهم وتطهير الأرض من رجسهم تزامنا مع إعادة الحقوق لأهلها، وفق البيان الصادر عن الملك سلمان. وفق موقع نون بوست.
بعد أكثر من 24 ساعة من هذا "التسونامي" المدمر، لم تتضح الصورة بعد، ولكن الحقيقة التي كشفتها الإجراءات الملكية الأخيرة في المملكة العربية السعودية، تؤكد أن آل سعود لم يعودوا في توادهم وتكتلهم كمثل الجسد الواحد، بل أصبحوا أوهن من بيت العنكبوت نتيجة تلاعب الأمير الشاب محمد بن سلمان بدولة بناها جده وأعمامه بدهاء وخبث وذكاء يشهد به الخصم قبل الصديق.
اسماء المعتقلينلم يتم إصدار تفاصيل كاملة عن الاعتقالات، ولكن هناك أفراد بارزين آخرين من العائلة المالكة محتجزين في "فندق الريتز كارلتون" الفاخر، الذي تم حجزه من قبل الحكومة السعودية، ومن بينهم على ما يبدو:
• الأمير تركي بن عبد الله، الشقيق الأصغر لمتعب، وحاكم الرياض السابق، وطيار سابق في سلاح الجو.
• الأمير تركي بن ناصر، الرئيس السابق لـ "الهيئة العامة للأرصاد الجوية وحماية البيئة".
• الأمير فهد بن عبد الله بن محمد، نائب وزير الدفاع السابق.
أما أولئك من غير أبناء العائلة المالكة فيضمون:
• خالد التويجري، رئيس الديوان الملكي السابق أثناء فترة حكم الملك عبد الله ومن أقرب المقربين له خلال الأشهر الأخيرة من حياته.
• عادل فقیّة، وزیر الاقتصاد والتخطیط، المرتبط ارتباطاً وثیقاً بالإصلاحات الاقتصادیة التي يقوم بها محمد بن سلمان.
• إبراهيم العساف، وزير المالية السابق الذي قدم الاستشارة للملك سلمان خلال الاجتماع الذي عُقد الشهر الماضي مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
• وليد البراهيم، رجل الأعمال الثري، المرتبط بروابط نسب مع الملك الراحل فهد.
مجزرة الأمراءالخطوة الجريئة التي قام بها ولي العهد السعودي بعزل الأمير متعب وسجنه إضافة لسجن خالد التويجري رئيس ديوان الملك عبد الله سابقًا، أكدت بما لا يدع مجالاً للشك أن محمد بن سلمان لا يحسب خطواته جيدًا بقدر ما يسارع الخطى نحو إدخال البلاد في مأزق وصراع دموي سيكون هو أول الخاسرين فيه.
لا يهمنا كثيرًا موضوع الحرب على الفساد التي أطلقها ولي العهد السعودي بقدر ما يهمنا عزل الأمير متعب وسجن أخيه عبد الله وأمراء آخرين من العائلة المالكة على غرار محمد بن نايف وعبد العزيز بن فهد، لأنه من غير المعقول أن يكون أحد كبار الناهبين للمال العام والمحاط بدائرة ضيقة متورطة في الفساد بأنواعه لأبعد الحدود كما يؤكد ذلك معارضون، ساهرًا على اجتثاث الفساد ومحاربة الفاسدين في وقت كان هو نفسه يأمر بسجن كل فاضح للفساد في البلاد.
إزالة متعب لن تمر مرور الكرام كما مر الانقلاب على محمد بن نايف، فالوضع داخل العائلة سينفجر قريبًا ومن غير المستبعد أن تتواصل "مجزرة الأمراء" إذا ما واصل عمه أحمد تعنته ولم يوافق على فسح المجال له لإعلان تنصيبه ملكًا للبلاد خلفًا لأبيه. لسنا ننكر أن من تم إلقاء القبض عليهم كثير منهم فاسدون، لكننا نشكك في جدية هذه الحرب على الفساد خاصة أن الأسماء التي أُلقي القبض عليها محسوبة على الجناح المناهض لابن سلمان، بل تعتبر صراحة من الموالين لوزير الحرس الوطني المقال متعب بن عبد الله ووزير الداخلية السابق محمد بن نايف.
فور سماع خبر عزل الأمير متعب، ظن كثيرون أن الموالين له في جهاز الحرس الوطني الذي يعتبر القوة العسكرية الثانية في البلاد والذي كان الملك عبد الله مؤسسًا له، سيقودون تمردًا مسلحًا لإخراج وزيرهم من سجنهم والقيام بانقلاب مسلح، لكن شيئًا من ذلك لم يحدث، فالأمير الشاب أعد العدة هذه المرة ولم يترك ثغرة إلا وقام بسدها، بعد أن نجح في كسب ود الضباط الكبار في هذا الجهاز ترغيبًا وترهيبًا. وفق موقع نون بوست.
يعرف محمد بن سلمان كما يعرف المحيطون به، أن إزالة متعب لن تمر مرور الكرام كما مر الانقلاب على محمد بن نايف، فالوضع داخل العائلة سينفجر قريبًا ومن غير المستبعد أن تتواصل "مجزرة الأمراء" إذا ما واصل عمه أحمد تعنته ولم يوافق على فسح المجال له لإعلان تنصيبه ملكًا للبلاد خلفًا لأبيه، كما يعلم الأمير الشاب أن استقواءه بصديقه دونالد ترامب الذي تجمعه مصالح شخصية معه، لن تنفعه كثيرًا في ظل توتر الأوضاع الداخلية والخارجية، واقتراب دخول السعودية في حربين جديدتين، واحدة ضد الشعب بالقرارات الموجعة التي ستصدر تباعًا، والثانية ضد إيران بعد أن دخلت الأمور منعرجًا خطيرًا قد يؤدي إلى ما لا يحمد عقباه إذا ما تواصل دخول "الصغار" في لعبة "الكبار".
أعمال الفسادلسنا ننكر أن من تم إلقاء القبض عليهم كثير منهم فاسدون، لكننا نشكك في جدية هذه الحرب على الفساد خاصة أن الأسماء التي أُلقي القبض عليها محسوبة على الجناح المناهض لابن سلمان. يشكّل تعريف الفساد في المملكة العربية السعودية تحدّياً لأن أفراد العائلة المالكة استخدموا قوى مراكزهم لتسهيل الأعمال التجارية لعقود من الزمن.
تحتاج الشركات الأجنبية إلى شريك سعودي للعمل في المملكة، وغالباً ما تكون الشراكة التي تتمتع باتصالات مع أعضاء من العائلة المالكة أكثر فائدة من تلك التي ليس لديها مثل هذه العلاقات، حتى عندما يستأثر أعضاء العائلة المالكة نسبة في شتى الأنحاء.
وفي الواقع، أن التحدي الذي تواجهه العديد من الشركات الأجنبية يتمثل في ضمان دفع مبالغ إضافية من العقود إلى كبار الأمراء وصولاً إلى مسؤولين في المستويات الدنيا للحفاظ على علاقات العمل بسلاسة. ومن الناحية الفنية، يمكن للقوانين الأجنبية أن تعرقل هذه الممارسة، ولكن هناك طرق لتفاديها.
وكما هو الحال، يدفع الجانب السعودي ما يمكن أن يُطلق عليها بـ "الرشاوى". إن حجم هذه المدفوعات ليس حاسماً في منح عقد رسمي - فبعد الحصول على الصفقة، يتم ضمان المبلغ المخصص لتسهيل المدفوعات في المبلغ النهائي الذي تدفعه الحكومة السعودية. وإذا كانت هذه المدفوعات مقيّدة بالعقد الرئيسي، فإنها يمكن أن تأتي من خلال اتفاقات الخدمات ذات الصلة. وقد أشارت برقية كشفتها وزارة الخارجية الأمريكية عن أفراد العائلة المالكة في الجيش السعودي، أن الأمراء غالباً ما رفضوا الترقية من أجل الحفاظ على قيادتهم للقواعد التي يمكنهم الحصول فيها على أموال إضافية. وفق معهد واشنطن.
بالإضافة إلى ذلك، يتم توجيه جزء من جميع عائدات النفط السعودي إلى الآلاف من أفراد العائلة المالكة. وتسفر الصيغ المعقدة القائمة على درجة القرب من الفئة الحاكمة وأعداد الذرية، عن رواتب شهرية سخية. وفي الوقت نفسه، فإن الهفوات المالية التي لا يمكن التغاضي عنها من قبل المواطنين العاديين (مثل فواتير المرافق المتأخرة) نادراً ما تكون لها عواقب وخيمة على أفراد العائلة المالكة.
اخافة المستثمرينبغض النظر عن المخاطر السياسية التي يمكن أن تنجم عن «تجريد» هذا العدد الكبير من أثرياء السعودية من أموالهم، لا ريب أن هذا أسلوب غاية في الغرابة لتشجيع الأجانب على الاستثمار في المملكة. بل يمكن الجزم بأن ما اتخذه ابن سلمان من إجراءات ليلة السبت كأنما صمم ليخيف المستثمرين ويشرد بهم من خلفهم.
يعاني الاقتصاد من حالة ركود، كما أن الاحتياطات الأجنبية توشك على النفاد. وفي مثل هذه الظروف يعمد ابن سلمان إلى مصادرة ممتلكات أكبر أثرياء المملكة، بل ويشكل هيئة لديها من الصلاحيات ما يمكنها من مصادرة الممتلكات داخل البلاد وخارجها. إذن، ما الذي سيمنعه من أن يفعل الشيء ذاته بممتلكات المستثمرين الأجانب إذا ما نشب خلاف بينه وبينهم؟
كما أن ملاحقة كبار الملاك مثل بكر بن لادن، الذي يترأس أكبر شركة إنشاءات في المملكة، ستكون لها تداعياتها المباشرة على بقية الاقتصاد في البلاد. فمجموعة ابن لادن تشغل آلاف المقاولين الثانويين. ولعل ابن سلمان يكتشف قريبًا أنه يستحيل المزج بين عمليات التطهير، ومشاريع التجارة والاستثمار. حسب الساسة بوست.
بلغني من مصادر موثوقة أن الأمير الوليد بن طلال رفض الاستثمار في مشروع «نيوم»، المدينة الضخمة التي أعلن محمد بن سلمان أنه بصدد إنشائها، وأن ذلك هو السبب المباشر الذي دفع ولي العهد للانقضاض على ابن عمه. إلا أن الوليد بن طلال كان أيضًا قد تصادم مع ابن عمه حينما طالب علانية بإخلاء سبيل محمد بن نايف من الإقامة الجبرية المفروضة عليه.
النقطة الأخرى التي تجدر ملاحظتها هي أن جميع فروع العائلة الملكية الحاكمة تضررت بسبب حملة التطهير هذه، وبسبب ما سبقها من حملات. لك أن تتأمل في أسماء الأمراء الذين ألقي القبض عليهم: الوليد بن طلال، عبد العزيز بن فهد، محمد بن نايف، منصور بن مقرن. وهذا الأخير لقي حتفه في حادث تحطم مروحية، بينما كان على ما يبدو يسعى للهرب خارج البلاد. ما تشي به هذه الأسماء هو شيء واحد: لقد أصبحت الصدوع داخل العائلة الملكية الحاكمة عميقة جدًا، ووصلت فيها حتى النخاع.
اصلاح على النمط الغربيفي نمط من الممارسة الحكومية تكاد تكون فريدة من نوعها، ولا توجد إلا داخل المملكة السعودية، يبدو أن قرار القيام بحملة التطهير سابق على إعلان الهيئة التي شكلت لتبريرها. ذلك هو الأسلوب الذي ينتهجه الأمير الشاب، الذي ما فتئ بعض الخبراء في شؤون الشرق الأوسط يصرون على الإشارة إليه بأنه إصلاحي على النمط الغربي. يتصرف هذا الإصلاحي دونما اعتبار لأبسط متطلبات العدالة، ودونما احترام لأي من مبادئ وإجراءات سيادة القانون، فهو يرى أن من أوقفهم ثم اعتقلهم مدانون حتى قبل أن يثبت أي جرم بحقهم.
تنطبق على هذه الهيئة كل صفات المكارثية من حيث الصلاحيات الممنوحة لها، والمدى الذي يسمح لها بالذهاب فيه. فأول ما يلفت النظر في المرسوم الذي أسست بناءً عليه أنها فوق القانون ومتجاوزة له؛ إذ ينص المرسوم الذي أمر بتشكيل الهيئة (التي يترأسها محمد بن سلمان) على ما يلي:
«استثناءً من الأنظمة والتنظيمات والتعليمات والأوامر والقرارات تقوم اللجنة بالمهام التالية: التحقيق، وإصدار أوامر القبض، والمنع من السفر، وكشف الحسابات والمحافظ وتجميدها، وتتبع الأموال والأصول ومنع نقلها أو تحويلها من قبل الأشخاص والكيانات أيًّا كانت صفتها، ولها الحق في اتخاذ أي إجراءات احترازية تراها حتى تتم إحالتها إلى جهات التحقيق، أو الجهات القضائية بحسب الأحوال». وفق ماجاء في موقع الساسة بوست.
بمعني آخر، بإمكان الأمير الآن أن يفعل ما يريد بمن يريد، بما في ذلك مصادرة ممتلكات الأفراد داخل وخارج المملكة. ودعونا نذكر أنفسنا بما بات يسيطر عليه حتى الآن، فالأمير يترأس جميع الجيوش الثلاثة في المملكة العربية السعودية، ويترأس شركة أرامكو، أكبر شركة نفط في العالم، ويترأس الهيئة التي تناط بها المسؤولية عن جميع الشؤون الاقتصادية، والتي توشك أن تدشن أضخم عملية خصخصة تشهدها المملكة حتى الآن، وهو الآن يتحكم بشكل مطلق في كافة وسائل الإعلام السعودية.
باتت سيطرته على وسائل الإعلام جلية بعد الإعلان عن قائمة أسماء رجال الأعمال الموقوفين، بما في ذلك أولئك الذين يترأسون أكبر شبكات إعلامية في العالم العربي: «إيه آر تي»، «إم بي سي»، و«روتانا»، وفي ما عدا ما تنتجه شبكة الجزيرة القطرية من مواد إخبارية، تنتج هذه الشبكات الإعلامية السعودية مجتمعة معظم ما يبث عبر الأثير من برامج تلفزيونية ناطقة بالعربية في الشرق الأوسط.
بات ملاك هذه الشبكات الإعلامية على التوالي – صالح كامل، ووليد الإبراهيم، والأمير الوليد بن طلال- وراء القضبان، ومن المحتمل أن تكون أملاكهم قد صودرت. تقدر مجلة «فوربس» ثروة الأمير الوليد بن طلال، رئيس مؤسسة المملكة القابضة، بما يقرب من 18 مليار دولار. والرجل يملك حجمًا كبيرًا من الأسهم في العديد من الشركات العالمية بما في ذلك «نيوز كورب»، و«سيتي جروب»، و«توينتي فيرست سينشري فوكس» و«تويتر». حتى هذه الأسهم آلت إلى إدارة جديدة الآن. وممن وردت أسماؤهم بين الموقوفين، رئيس مؤسسة الاتصالات السعودية، أكبر مزود لخدمات الهواتف النقالة في المملكة.
تغيرات مخططة في المملكةمن المرجح أن تتبع التطورات التي شهدتها الرياض إجراء تغييرات إدارية إضافية، وربما حلول محمد بن سلمان محل والده البالغ من العمر ثمانين عاماً في منصب رئيس الوزراء أو حتى في منصب العاهل السعودي. ومهما يكن الأمر، فلا بد أن تقدّم الحكومة تفسير رسمي مفصّل لما يحدث.
ويبدو أن صلاحيات "اللجنة العليا الجديدة لمكافحة الفساد"، التي يرأسها محمد بن سلمان وتضم النائب العام ورئيس جهاز أمن الدولة، من بين أمور أخرى، واسعة جداً، لذلك يحتاج مجتمع الأعمال الدولي إلى معرفة إجراءات التعامل مع أولئك المحتجزين. فهل سيتم تجميد أصولهم أو وضعها تحت سيطرة السلطات السعودية؟ فالأمير الوليد بن طلال هو من كبار حاملي الأسهم في "سيتيكورب" [عملاق البنوك الأمريكي]، فمَنْ الذي سيسيطر على مصالحه الآن؟ هل ستُجرى محاكمات للمتهمين؟ وما هو نطاق العقوبات؟ وكان الملك سلمان قد أجرى اتصالاً هاتفياً مع الرئيس الأمريكي ترامب في الرابع من تشرين الثاني/نوفمبر بشأن إطلاق صاروخ من اليمن [نحو السعودية] في نهاية الأسبوع الذي سبق وقضايا أخرى، الّا أنّه لم يتضح بعد ما اذا كانا قد بحثا إجراءات مكافحة الفساد.
لقد أصدرت الرياض عدد كبير من الخطابات حول خلق بيئة أكثر ملاءمة للاستثمار الأجنبي الجديد وفقاً للخطة الاقتصادية لمحمد بن سلمان المعروفة بـ «الرؤية 2030»، إلّا أنّ عمليات التطهير التي جرت في عطلة نهاية الأسبوع قد تضعف حماس المستثمرين، على الأقل إلى أن يتم حل قضايا مكافحة الفساد. ومن المرجح أن يتردد أصحاب الأعمال الأجانب الذين لهم اتصالات تجارية مع المعتقلين، في زيارة المملكة في أي وقت قريب - ومن المفارقات أن "فندق ريتز كارلتون" الذي يُحتجز فيه المعتقلون قد استضاف مؤتمراً استثمارياً كبيراً في الشهر الماضي. وفق معهد واشنطن.
ويمكن لهذه الخطوة المفاجئة وغير المتوقعة أن تلقي بظلالها على الخطة لطرح أسهم للاكتتاب العام الأولي بنسبة 5٪ من أسهم شركة "أرامكو" السعودية المملوكة بالكامل للحكومة السعودية. ولا تزال بورصة نيويورك موقعاً واضحاً لهذه الخطوة، ولكن عدم القدرة على التنبؤ بشكل واضح بخطوات محمد بن سلمان قد يؤدي إلى ردع المستثمرين.
وأخيراً، تًعتبر الاعتقالات دليلاً آخر على أن وتيرة التغيير المخطط في المملكة أمر غير عادي. فالمشاريع الاستثمارية الجديدة، والتي تشمل خطة بقيمة 500 مليار دولار لبناء مدينة ضخمة تسمى "نيوم" في الشمال الغربي من المملكة، تتصور بلاد تتمتع بتقنية متقدمة في طليعة التكنولوجيا الروبوتية. وفيما يتعلق بالقضايا الاجتماعية، أعلن محمد بن سلمان عن خطط لـ السماح للنساء بقيادة السيارة ابتداء من العام المقبل. وعلى الرغم من أن إطلاق حملة لمكافحة الفساد قد تساعده على التغلب على بعض خصومه والاستمرار في تنفيذ مثل هذه الخطط كما يراه مناسباً، لا بد من أن يستمر في تحقيق نتائج من أجل أن يظهر للأمة أن أسلوبه وقيادته هو أفضل وسيلة للمضي قدماً.